نحن و العولمة و فوضى الحرب الأهلية المتفاقمة

حسن أحمد اللوزي

 - كان يجب أن ندرك من وقت مبكر بأن العولمة قادمة للفتك بالمفاهيم التقليدية للسيادة الوطنية وتطلعات مشاريع النهوض القومية .. ولتصنع التغيير في جملة القوانين الحاكمة في الماضي على أساس من سيادة الدولة أيا كانت أو تقنين حرمة المساس بالسلطات و كل ما هو مشرع على الأسس السابقة لصالح النظام العالمي
كان يجب أن ندرك من وقت مبكر بأن العولمة قادمة للفتك بالمفاهيم التقليدية للسيادة الوطنية وتطلعات مشاريع النهوض القومية .. ولتصنع التغيير في جملة القوانين الحاكمة في الماضي على أساس من سيادة الدولة أيا كانت أو تقنين حرمة المساس بالسلطات و كل ما هو مشرع على الأسس السابقة لصالح النظام العالمي الجديد والتأكيد خطوة خطوة.. ومهما كانت التكاليف بأن العولمة تعني في جوهرها المتكشف سيادة القيم الحضارية الغالبة أو المهيمنة .. و فرض ثقافتها المداهمة التي صارت تجول وتصول في كافة أرجاء المعمورة وتصل إلى كل البيت عبر الشبكة العنكبوتية و سطوة الميديا المتنوعة .. السلطة العالمية الذكية اليوم شئنا أم أبينا ..
فهذا الواقع الكوكبي السائد هو الذي كشف عن الحقيقة التي ظل يرددها المختلفون في عبارات عديدة ومتناقضة عندما كانوا يعرفون العولمة.. و يستعرضون مفاهيمها حتى أعطتهم هي نفسها المفهوم الذي تقوم عليه.. وفي الاحتمالات القريبة يبدو بأن البشرية سوف تشهد عما قريب الحكومة العالمية التي ظل ينظر لها المفكرون الصهاينة ويسعون اليها طمعا في أن تكون في قبضتهم الاحتمال الذي لا يمكن استبعاده أيضا .. لأن الإنسان قمين لأن يحصل على ما يفكر فيه ويسعى من أجله طالما يمتلك القدرات التي تطوع الصعوبات وتدحر المعوقات التي تقف في طريقه!! و خاصة وأن السلطة العالمية الذكية لا تقف عند حدود التأثير و اصطياد الفرائس .. وإنما هي قبل ذلك تعمل على إتاحة فرصة الاستطلاع والرصد الدقيق لكل ما يجري في هذا الكوكب .. فضلا عن الاقتراب من معرفة ما الذي يفكر فيه ذلك الإنسان في ذلك الكوخ.. أو ذاك المكان¿!
إن الغابات الكبيرة والصحراء الشاسعة وكل صور الكهوف لم تعد قادرة على أن تحرس عورة الإنسان ! فما بال الإنسان وهو يلعب مقتدرا في الحقل المكشوف.. تحت خيمة الحرية! و في شبكة ما يسمى بالفوضى البناءة التي صارت تستوعب الدول النامية وعلى خطوط الحرب الأهلية التي يجر اليها المرضى و غير الأسوياء والجهلاء ومن لف لفهم وتماثل بهم ممن لا يزالون يرفضون الانتباه لاحتمالات كل ما نخشاه من الحقائق المريرة المتصلة بجرثومة الفوضى البناءة في دورتها المستمرة على رقعة الشطرنج العربية والتي بلغت المدى الخطير والمدمر على المساحات التي دارت فيها والملفت أنها أخذت صورة الحرب الأهلية داخل المجتمعات وبينها وبين الدولة وسلطاتها وفي مواجهة المؤسستين الأمنية والعسكرية بصورة خاصة ولأهداف معادية للأنظمة العربية القائمة بداية بالأنظمة الجمهورية ولصالح فكرة الشرق الأوسط الجديد.. والتي هي الحلقة الاوسع للخارطة المرسومة التي يراد أن تذوب في أكنافها الفسيفساء العربية في غفلة مرغوب فيها من أهلها.. وما خفي كان أعظم
غير أن ما بدا واضحا كالشمس في كبد السماء ودون التباس وأي خفاء هو الرؤية التي صارت تنكشف للعالم من حولنا وكما خطط لها مع سبق الإصرار والترصد تكشف عن تلاقي الأبعاد الحضارية المهيمنة اليوم بين الشرق والغرب وبين الاشتراكية والرأسمالية التي كانت أشد تناقضا وتخويفا خلال الستين سنة الأخيرة من القرن المنصرم ويقوم على حضن هذا الوفاق في الدول الثمان ومن حولها واقع جديد متشابك.. شوكة الميزان فيه المصلحة الإنسانية أو السلامة البشرية وأنه لاشك يزداد انصهارا مع احتشاد الرغبات الإنسانية في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والشراكة في صنع التقدم من أجل الأمن والسلام والتعايش السلمي والسؤال الذي مازال قائما: أين نحن وبالتالي ماذا سيكون دورنا أو ما يخطط لنا¿¿ وهل سنظل نرسف في أغلال التمزق والتخلف والتبعية.. في كهوف الجاهلية أو الانحدار إلى الحروب الأهلية المدمرة لا قدر الله.

قد يعجبك ايضا