ترشيد المياه ضرورة أمام زيادة الاستخدام (1-2)

محمد العريقي


 - مهما صحنا وناشدنا الدولة والعالم كله أن يضعوا لنا حلولا لازمتنا المائية فلن يكون هناك أي حل جذري أو سحري لهذه المشكلة المتفاقمة وكلما تحدثنا في أزمة المياه
محمد العريقي –

مهما صحنا وناشدنا الدولة والعالم كله أن يضعوا لنا حلولا لازمتنا المائية فلن يكون هناك أي حل جذري أو سحري لهذه المشكلة المتفاقمة وكلما تحدثنا في أزمة المياه رد المسؤولون والمختصون : نحن بدون موارد مائية كافية وليس لدينا إمكانيات كافية وهذه معطيات لا أحد يستطيع إنكارها .
إذا الحلول الاستراتيجية السريعة والكبيرة غير واردة في هذا الوقت أو على المنظور القريب فهي فعلا مكلفة جدا ومواردنا الاقتصادية شحيحة جدا لا تستطيع أن تمول مشاريع مائية ضخمة لكل الاحتياجات والاستخدامات المائية المختلفة .
ولتخفيف المعاناة عن كاهل المواطن إزاء شحة وندرة المياه فما عليه إلا أن يكون رشيدا ومدبرا ومديرا محنكا في استخدام ما هو متاح من قطرات المياه المتوفرة واستغلال أمثل لأي كمية يحصدها من مياه الأمطار .
نقول هذا الكلام ونعرف أنه من غير المنطقي أن نطالب المواطن اليمني البسيط أو المزارع الفقير أن يرشد المياه وهو أساسا لا يحصل على القليل منه إلا بشق الأنفس ومع ذلك نقول له (فكر بترشيد وإدارة ما هو متاح بطريقة عقلانية ستجد أن هناك وفرة ستحسن من مستوى حياتك) .
إن الترشيد كأولوية في التدبير المائي في هذا الوقت بالذات تفرضه معطيات الموارد المائية المحدودة والنمو السكاني المتزايد والتوسع في الخدمات الاجتماعية.
ففي ظل الظروف المائية التي تعيشها اليمن فإن ترشيد الاستخدام يعد الخطوة الأولى في طريق التدبير ومواجهة تحدي شحة المياه ويصبح الترشيد ضرورة حتمية كسلوك شخصي لكل إنسان يتطلع إلى ديمومة الحياة وتوارثها جيلا بعد جيل والحقائق الجغرافية والمناخية تدعم هذا الاتجاه فاليمن ليس فيها أنهار أو بحيرات ولا تتساقط بها الثلوج وكل محصولها من المياه هو ما يأتيها من الأمطار الموسمية المتذبذبة ومن المخزون الجوفي الذي تجمع عبر مئات السنين ونحن في طريق استنفاده.
الترشيد في الاستخدام ليس فقط ضرورة تمليها الأوضاع المائية الحرجة.. بل أمر مطلوب حتى وإن كانت المياه التي نستخدمها هي مياه البحر.
فالترشيد سلوك سار عليه الإنسان منذ القدم ونحن في اليمن علينا أن نقتفي أثر آبائنا وأجدادنا وأمهاتنا فكل قطرة ماء كانت تمر عبر أكثر من استخدام.. فالقليل من المياه التي كان يستخدمها الفرد للوضوء والاستحمام كانت تسير باتجاه ري بعض المزروعات والنباتات وبقايا المياه المستخدمة في إعداد الطعام وتنظيف أواني الأكل ينتهي بها المطاف في بطون المواشي.. ولابد من الرجوع إلى التراث المائي اليمني حيث أظهر الإنسان في الريف والحضر براعة في الترشيد والمحافظة على كل قطرة ماء ولايزال ما يعرف بالسقايات والأحواض خير دليل على ذلك.. ولكن للأسف الشديد أخذ الكثير منها يختفي.. حتى أن أحد السائحين الأجانب الذي عرف صنعاء أوائل الستينات استغرب عندما عاد إليها أواخر 2003م وطاف في عدد من حواريها وبالذات في صنعاء القديمة قال: أجزم أن هناك شيئا قد اختفى وكان يقصد ما كان يعرف ب ( سبيل الماء).
فسبيل الماء كان عبارة عن بناء صغير تعبأ فيه المياه الباردة ويشرب منه أي عابر سبيل وقيل إنه كان بين كل مسافة قصيرة تجد ما يعرف بالسقاء.
حافظت مشارب المياه على وجودها على مدى السنين كما تشير إلى ذلك التواريخ المدونة على العديد منها والتي يعود بناؤها إلى 1343 هجرية وهو العام الذي شهد نشوء الكثير منها عندما ازدهرت التجارة في صنعاء وفي الكثير من المدن.
للسقائين حكاية فقد كانوا يعملون في نقل المياه من الآبار إلى المنازل حيث يقوم… السقاء بتعبئة كل الأواني الموجودة في المنزل ( المطبخ والحمام ) وكذا مياه الشرب ويتم ذلك بواسطة جرتين يحملهما على عصا غليظة يحملها على كتفيه… وبعد أن يفرغ الماء في المنازل يتوجه إلى تعبئة سبيل الماء الأقرب ومقابل ذلك يتقاضى راتبا شهريا من أصحاب المنازل التي يتولى تزويدها بالمياه.
إن الدعوة لترشيد المياه.. لها مبررات عديدة فنحن نشاهد ونلمس أن هناك مظاهر للتبذير والإسراف وهناك تنحي للطرق التقليدية الرشيدة لصالح ممارسات يومية تهدر فيها كميات من الماء عند الاستخدام دون أن نعي أن هذا على حساب المخزون المائي المحدود. ولو تعاملنا مع الأمر بحكمة وتدبير لوفرنا كمية كبيرة وساهمنا في إطالة بقاء هذه الثروة الهامة.
وبحسبة بسيطة سنكتشف مثلا كيف يمكن توفير كميات من مياه المساجد إذا قمنا بعملية ترشيد استخدمها فالحي الذي تسكن فيه لاشك انه يوجد به مسجد صغير على الأقل يتسع مثلا لـ200 مصل مثلا. ولو افترضنا أن كل شخص يتوضأ في زمن خمس دقائق وفتح ا

قد يعجبك ايضا