القوارح!
عبدالرحمن بجاش


وضعت جسدي على الفراش استعدادا للبدء برحلة تنتهي مرحلتها الأولى عند السادسة والنصف مساء ليبدأ الدور الثاني ( قات ) إلى التاسعة وما بينهما ! لأقفز سريعا على صوت حفيدتي مرام مرعوبة تصرخ (يقرحوا) ظننت للوهلة الأولى أن حرب أراض أو ما شابه تفجر اوارها قريبا من لاكتشف أن جاري القريب البعيد فقط يرحب بضيوف العرس ويعبر عن سعادته! حق الجار جعلني ابتلعها وأصمت! ماذا لو كنت سويسريا سألت نفسي لاستقالت الحكومة والرئيس لأن حق الجار انتهك !!! وأذكركم فقط – زكاهم الله عقولهم الكفار النصارى- بأنهم هناك يغلقون مطاراتهم عند الحادية عشره ليلا بموجب عرف ابتدعوه أو أبدعوا فيه – الله يقصف أعمارهم فضحونا – بموجبه يحفظون حق الجار فلكي لا تزعج أصوات الطائرات نوم السكان قريبهم من المطار وبعيدهم يوقفونها احتراما! خبلان أليس كذلك¿!.
الآن شكوانا مرة حيث يفزع أطفالنا جميعا عند منتصف الليل بأصوات (قوارح ) الأعراس وانظر فلولا نشوة السلاح على أكتاف شباب هكذا أعراس لما ذهب الخطيب وأمان في لمحة عين !! هنا نؤطر الشرف كعادة اجتماعية اتفق الناس على أن تكون محاطة بإحساس العار المحتمل دائما مثيل ذلك نظرتنا للفتاة على أنها مشروع عار محتمل ولذلك تجد أكثرنا يتخلص من بنته لأول من يدق الباب !! لا اقصد لأي واحد بل نفرح بأننا تخلصنا من عار محتمل هي الثقافة عموما !! والآن يحفظ الله الصين التي لا تبيعنا كل أنواع الطماش أو القريح أو المفرقعات وحسب بل تزودنا حبا فينا بأغشية (البكارة ) والعرائس ولكل ثمنه !! والآن كل ليلة نفزع وأطفالنا ليس فقط أول الليل فحيث اسكن في بيت بوس كل ليلة تجدنا في البيت عند الهزيع الأخير نوزع اللعنات ليس فقط على الكهرباء بل لمن يزعج نومنا والغريب وما غريب إلا الشيطان أنك تذهب إلى صلاة الجمعة فتتمنى أن يشير الخطيب إلى – فقط – ما يقوله إسلام محمد بن عبد الله عن الجار (ما زال جبريل…..) وانظر فالناس تعاني من قطع الشارع بسبب الخيام أو وقوف سيارات الأعراس في وجه المارة ممارسات تمنعهم من استخدام الطريق أما لو كان العرس عرس أحدهم فلا مانع من أن يقطع شارعا كبيرا كالستين لأن فلانا عرس لابنه في القاعة القريبة وليذهب أي أثر للقانون أو العرف أو حق الجار إلى جهنم فيما يحدثك عن الدين !!, القوم حتى الأعراس حولوها إلى رسائل فحواها تنقل عبر الأعراس وكم مرافقين تواجدوا وكم بنادق وصلت!! والأغرب أن مسؤولين من العيار الثقيل يحضرون تلك الأعراس ويتصورون ضاحكين ويخرجون والشارع مقطوع ولا يستطيع أي منهم أن يفك لقفه !!ما ( سطاه ) فقد يكون قاطع الشارع من توسط له بالوزارة أو المنصب الكبير وأجمل ما في الأمر أن أعراسا كبيرة تدعو السفراء لتريهم خيبة هؤلاء حيث يكسرون رؤوسنا ليل نهار بالحديث عن القانون المسكين ويتجاهلون مجرد أن تقول لأحدهم ( الشارع مقطوع ) فيظهر نفسه وكأنه لم يسمع, الآن تعبنا جميعا وما أقوله هنا لن يجد أي صدى لكن حسبي أنني ( أشهد الله ) على كل من يزعج النائمين والأطفال وكبار السن ومن لا يستطيع أن يفرح إلا بالقوارح! ويا رب السماوات والأرض .. تعبنا.
