غبش مبلل بالمطر!
عبدالرحمن بجاش
هذه المدينة مثل ( لول ) تبتهج بشيئين … الفجر والمطر !! وفي الفجر يبدأ التكوين .. وتخلق الأشياء .. ويرسل رب العالمين قطرات بل زخات السماء لتخضر الأرض لتتفقد الأحوال جدائلها ويصلح الزرع هندامة, وتغسل النفوس أدرانها ولول خلقها الله آية من الجمال فهو جميل يحب الجمال ولول كانت لا تفرد شعرها إلا حين يدوي رعد السماء وتخضر النفوس ويلمع البرق مطر أخضر محاجينه وجوه تحيل فجر الدنيا إلى لحظة ابتهاج وولادة! يا الله ما أكرمك …فعند الخامسة فجرا أيقظتني برفق لمعة ظننتها لمعة نفسي فإذا به لمعة برق الفجر حبيبات خضراء تنقر على الزجاج تنادي: قم يا إنسان لتر فجر الله نديا يزرع في النفس لول وزعفران ونعمه وشريفة ووجه فاطمة ومحمد تحولا إلى محاجين وسبول ودجر ودخن وأغنية عصفورة فاجأها المطر فاختبأت في عشها تحمي بيضها, تبحث عن دفء وتشتم رائحة الأرض المبلولة…., كانت ثمة سحابة تبرق مدينة تكتشف جمالها حين تمطر…وحين ترى الضوء انعكاساتها على بقع صغيرة من الماء إلى قلبك تتذكر لول وما أدراك من هي لول عشقت المطر والبرق والرعد كانت تظفر جدائل الليل ينسكب على كتفيها ينحدر على هاوية ظهرها فتظل تغني ( وصبايا فوق بير الماء والدنيا غبش ) والغبش يتسلل من بين يديه الفجر والصبح القادمان نورا يتداخل بالضوء, وتخيل عند الخامسة فجرا كيف هو الكون يتشكل من جديد وأنا نفسي تكاد تطير الوانا اكتشف أنها ألوان لمشاقر على خد أمي ترسل صوتها فجرا : وعندنا يابني في البلاد عبد الغني يؤذن والله يرسل مطره !!, وبقرتك اليوم إلى أين ¿¿ إلى الهيجة حيث الحشيش قد اخضر والنفوس غادرها الجدب والجفاف ,وبعد الفجر غادرت نافذتي نحو الشارع أرى الناس كيف وقد تحولت وجوههم غبش إلى فجر إلى أشجار وورود !! أليس الإنسان مخلوق من طين والماء تخضر بها الحقول فتزرع وجوه نسائهن الوجه الحسن للأرض .
كان ثمة مطر برق ورعد وكانت لول للتو قد غسلت جسدها لتجلس أمام المرآة ترى ما أبدع الله الخالق وجها عريضا سهوله وآكامه ووديانه وسواقيه وجداوله لآلىء تتوزع عقود ذهب على صدرها لتقرر ذات لحظة جمال فائقة القدرة والقوة أن تذهب مع البرق غادرت لول وبكت قرانا على روحها وظل شعرها مفرودا كغبش الفجر يرسل ضباب وماء وخضرة ومشاقر بياض وازاب وزباد وهرد اصفر وحناء على الأيدي وعيد طبل وطاسه ولا تزال قرانا تبكيها تبكي جداولها ومحاجينها وسبولها وطيبة تعمر الأرض على رحابته وأنا أتذكرها وأرى الفجر أمامي في وجوه المارة مدينة تصحو على وقع أقدام لول فتتحول إلى عروسة فاتنة تغني لها منى علي و(الليل يا بلبل دنى غلس واسمر عندنا) هذا الفجر بعد المطر كان نديا, حول النهار إلى موج من أنغام أيام الذري والأرض تحولت إلى سبولة وعكاب, أو كما كانت جدتي نعمة تقول (آب يفكد الراعي بالباب), يفكده فرحا, خضرة, مطر, غبش مبلول ….., ويا رب السموات والأرض ما أجملك, ما أجمل مطرك, غبشك, فجرك, نهارك,…. ولول وجوهره ووجه أمي .