حرب داحس وغبراء العود
علي العماري


لاشيء أسوأ من الحروب بشتى أنواعها ومسمياتها فهي تظهر الإنسان بصورة وحش قاتل على غير سجيته وطبيعته الانسانية المسالمة وتجلب الموت والخراب والدمار وتولد الضغائن والأحقاد على مدى اجيال وعقود عديدة من الزمن.
إلا أن النزاعات القبلية أشد بشاعة وقساوة على النفس البشرية الخيرة لما تسببه من مأس وأحزان واثار سلبية عميقة في عقول ووجدان أبناء المنطقة الواحدة الذين تجمعهم قواسم عيش مشتركة أكثر بكثير مما يفرقهم فمصلاة العيد واحدة والبئر واحدة والمقبرة واحدة والمنازل متجاورة والقرى والأراضي والمراعي متداخلة وتربطهم علاقات الجوار والإخاء والمصاهرة واللغة والدين.
إن قتل الإنسان لأخيه الإنسان جريمة بشعة وعمل وحشي مناف للأخلاق والقوانين الإنسانية والتعاليم الدينية ومغايرة لغريزته الميالة للسلم والرافضة لقانون الغاب والأدغال المتوحشة حيث يسود عالم اما ان تكون مفترسا أو ضحية.
هذا الشعور المفعم بالآسى عادة مايراود المرء أكثر عندما يكون معنيا بشكل أكبر بحدث ما كالحروب القبليه المجنونه التي تعصف بالوطن من حين لآخر وتنهش جسده المثخن بجراح أبنائه لأن مسلسل العنف المستمر في إزهاق الأرواح البريئة في منطقة العود بمحافظة الضالع يبعث على الحسرة لغياب الدولة والأحزاب والمنظمات والعقلاء والمتعلمين من أبناء المنطقة والمناطق المجاورة ليبقى الأمل في تحرك قيادة المحافظة ممثلة بالمحافظ الأستاذ/ علي قاسم طالب لفرض هيبة الدولة ووأد الفتنة من خلال إرسال حملة عسكرية كبيرة لتمشيط الجبال من المسلحين ومصادرة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وإعتقال المتهمين بإشعال الفتنة وإعادة الأهالي إلى قراهم والحياة إلى طبيعتها.
كما أننا نراهن على لجنة التحكيم بقيادة الأخ/ عبدالواحد الصيادي للتدخل بسرعة لفض النزاع واحتواء المشكلة قبل استفحالها فتتحول إلى حرب عصية على الحل.
من حق اللجنة في حال تعثرها تحديد الطرف المعطل أو المعرقل لعملها ومن ينتهك اتفاق الهدنة المحدد سنة وتحميلة مسؤولية ما سيترتب على ذلك من تبعات مأساوية ونتائج كارثية وحتى الدعوة إلى اتخاذ مواقف قوية وحازمة تجاهة من قبل كافة الأطراف فالوضع على الأرض خطير جدا والمنطقة على شفير الهاوية بعدما طالت الحرب بآثارها السلبية قبائل وأسر أخرى فالرصاص لا يفرق بين عدو وصديق.
وأمام هكذا تحد وامتحان صعب يتطلب من شباب المنطقة المتعلم الثائر الأخذ بزمام المبادرة لصناعة التغيير فيها وتحريرها من آفة العقلية القبلية المتخلفة المتحكمة بحياة ومصائر الناس من خلال التوعية بمخاطر الصراعات مستمدين عزيمتهم وقوتهم من ثورتهم السلمية بوابة طريقنا نحو الغد وجسر العبور إلى اليمن الجديد فالشباب هم كل حاضر ومستقبل الأمة وبناة مجدنا وعزتنا وكرامتنا ومصدر فخر لنا وحلمنا الجميل.
