الشاعر العربي الكبير سليمان العيسى يرفرف بعيدا عن الدنيا
إعداد/ جميل مفرöح – محمد القعود

■ سليمان العيسى: حين ارتفع علم الوحدة اليمنية على شاطئ عدن سبقته دمعة فرح في عيني وقصيدة للوحدة كتبتها في اليوم نفسه ورددتúها في اليوم نفسه شواطئ عدن اللازوردية وقمم صنعاء السمر وهضاب تعز الخضراء وشجرة الغريب التي يربو عمرها على ألفي عام..
منيت الساحة الثقافية العربية بخسارة علم من أبرز أعلامها الإبداعية الشعرية وطودا شامخا من أطوادها الثقافية والنضالية.. إنه شاعر العروبة والقومية والطفولة والحب الشاعر العربي السوري العربي الكبير سليمان العيسى الذي وافته المنية يوم أمس الأول في العاصمة السورية دمشق عن عمر ناهز التسعين عاما لم يبخل بشيء منها أو يتوان عن بذلها في سبيل الكلمة المضيئة والفكرة الراسخة والانتماء المتأصل إلى العروبة التي عايشها كأم لها حق الوفاء والطاعة والولاء..
إنه سليمان العيسى.. صوت ثقافي إبداعي عربي أصيل ظل لعقود يتهادى شعرا وفكرا وثقافة وكأنه لم يخلق لسوى ذلك أو كأن الإبداع والثقافة والفكر الوطني والقومي النير معان ومفردات لم توجد إلا له أو به.. عشق وطنه الأم ومسقط رأسه وشعره عشقا مطلقا وغنى وغرد له ما استطاع وبما أوتي من قدرة ومن فن على الغناء والتغريد ومثل ذلك غنى وغرد لوطنه الأشمل وطنه العربي الكبير بكل ما استطاع أن يحب وينتمي.. وبمثل ذلك وأميز قليلا غنى لليمن يمن الحب كما كان يحلو له الوصف أناشيد من أقدس ما كتب وقال وعزف لها أروع ما يعزف للأوطان من مقطوعات الكلام والشعر معتبرا إياها الوطن الأول والأساس ليس له ولانتمائه وحسب وإنما للعروبة وكل العرب.. غناها شعرا وعزفها نثرا وظل يترنم ويدندن بها كلما راودته الكلمة واستأنست به الفكرة وكأنه لم يخلق من سوى ترابها ومائها.. حتى ظنه كثير ممن عرفوه أو قرأوا له أو سمعوه في وهلاتهم الأولى يمنيا في انتمائه وتكوينه وهويته..
ولعله لم يكن من تعبير عن هذا الانتماء الذي افتخر به طوال حياته كما افتخر به اليمنيون وسيظلون أبلغ من أن تكون اليمن ويكون اليمنيون من أوائل من هزهم وفجعهم وأحزنهم نبأ رحيل هذا الطود الإبداعي الشامخ ليبادر فخامة الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية ببعث برقية عزاء ومواساة إلى كافة أفراد أسرة الفقيد الراحل عبر فيها نيابة عن كل اليمنيين عن عظيم الأسى والأسف لهذا المصاب الجلل.. وأشار الأخ الرئيس في هذه البرقية إلى أن الأديب والشاعر الكبير سليمان العيسى كان من المرتبطين وجدانيا باليمن بصفته أديبا عربيا قوميا سكن اليمن وسكنته وكتب عنها الكثير بكل حب واعتزاز.. ونوهت البرقية بخصوصية كتابات الراحل ومشاعره تجاه اليمن تلك الكتابات التي كان لها أثر كبير في ساحة الأدب العربي ومنها ما خص اليمن به من مؤلفات قديرة مؤكدة على أن كتاباته عن اليمن قد شكلت إثراء جديدا للقصيدة العربية كما عكس بها صورة مشرقة ومشرفة لبلده الثاني اليمن.. وشددت البرقية في التأكيد على أن رحيل هذا الشاعر العربي الكبير يمثل خسارة أدبية بالغة في الساحة الثقافية العربية التي فقدت بهذا الحدث الأليم واحدا من ألمع نجومها المضيئة..
علاقة انتماء
ومن كل ما ورد ومما لم يرد هنا من مسيرة حياة هذا الشاعر العربي الكبير يتضح أنه كانت تربطه باليمن علاقة انتمائية مميزة بدأت منذ زيارته الأولى لها في العام 1972م وتعمقت وتأصلت في زيارات كثيرة قبل أن يستقر به المقام فيها مع زوجته الدكتورة ملكة أبيض حين عملت أساتذة في كلية التربية بجامعة صنعاء ليقضي أكثر من خمسة عشر عاما هنا في اليمن.. أنجز خلالها الراحل كما يقول خمسة أعمال شعرية عن اليمن ناسها وأرضها وأماكنها ومنها عمله الإبداعي المتميز والمعروف كثيرا (ديوان اليمن) وكذلك ديوان (ثمالات) وديوان (أمشي فتنأين) إلى جانب الكثير من الكتابات والنصوص وقصص الأطفال التي برع وتميز فيها الراحل أواخر سنوات عمره حتى بات يصفه الكثيرون بكاتب الطفل..
ولعل من أهم ما أنجزته الدكتورة ملكة حول الشاعر والأديب الراحل سليمان العيسى هو كتاب بعنوان (اليمن في شعري) ضم نصوصا شعرية مختارة مما كتبه عن اليمن وقامت بنقل هذا الكتاب إلى الفرنسية وإصداره باللغتين العربية والفرنسية.. جاء هذا الكتاب في أكثر من 135 صفحة من القطع المتوسط وانقسمت مادته على قسمين الأول ضم القصائد المختارة في لغتها العربية الأصل بينما احتوى القسم الآخر على الترجمة الفرنسية لتلك القصائد..
كما صدر للراحل عمل شعري آخر عن اليمن بعنوان (يمانيات) ضم في أكثر من 180 صفحة من القطع المتوسط على ثلاث وأربعين قصيدة كانت أحدث وآخر ما كتبه الراحل عن اليمن.. إضافة إلى كتاب (المهد) وهو قصيدة طويلة عن اليمن..
يمني وحدوي
ال
