في المشكلة الأمنية

عبد الرحمن عبد الخالق

 - يعد تحقيق الأمن الداخلي والعمل على خلق أجواء آمنة من أبرز وظائف الدولة والانتقاص من هذا الدور مؤشر فعلي على غياب الدولة وبدء زوالها. والخوف هو البديل عن الأمن في حالة غيابه والخوف معطل للطاقات الفاعلة ومولد لليأس
عبد الرحمن عبد الخالق –
يعد تحقيق الأمن الداخلي والعمل على خلق أجواء آمنة من أبرز وظائف الدولة والانتقاص من هذا الدور مؤشر فعلي على غياب الدولة وبدء زوالها. والخوف هو البديل عن الأمن في حالة غيابه والخوف معطل للطاقات الفاعلة ومولد لليأس والقنوط.
ولا يمكن الحديث عن أي تنمية حقيقية في ظل غياب الأمن وقد أشار ابن خلدون في مقدمته إلى أهمية الطريق السابل بالأمن للتجار ولازدهار التجارة كما أن بغياب الأمن أو ما يوصف في الخطاب السياسي والإعلامي بالانفلات الأمني تعدي على أهم حق من حقوق الإنسان هو حقه في الأمان الشخصي إذ جاء في المادة (3) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (لكل فرد حق في الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه على نفسه).
لقد أدى تطور تكنولوجيا الاتصال ومسيرة العولمة إلى تغيير كثير من المفاهيم ومن ذلك مفهوم السيادة كما وضع الدول الوطنية أمام تحديات حقيقية فيما يخص أمنها الداخلي فأجهزة الاستخبارات العالمية وتحديدا الأميركية تغيرت النظرة إليها (بفضل العولمة) كجهاز يخدم المصالح العليا لأميركا ويؤدي غالبا إلى الإضرار بمصالح الدول الوطنية وتحديدا الدول الفقيرة مثل اليمن إلى جهاز صديق يخدم أميركا ويذود عن مصالح شعوب الدول كافة لذا أصبحت البوارج العسكرية الأميركية وبوارج حلفائها تمخر عباب المياه الاقليمية للدول والطائرات العسكرية الأميركية منها على وجه الخصوص بطيار وبدون طيار تحلق بكل حرية في الأجواء الوطنية كل ذلك تحت دواعي محاربة الإرهاب المصنوع أميركيا مما ضاعف من الاختلالات الأمنية وأصاب السيادة الوطنية بمقتل وضاعف من ذلك التوترات الاجتماعية المتخلقة من انتشار البطالة وتغول الفساد بكل مفاصل النظام هذا الفساد الذي تفنن قانون رقم 39 لسنة 2006م بشأن مكافحة الفساد في تعريفه بأنه استغلال الوظيفة العامة للحصول على مصالح خاصة سواء كان ذلك بمخالفة القانون أو استغلاله أو باستغلال الصلاحيات الممنوحة لكن لم يبدع في تطبيقه على الفاسدين والدليل على ذلك أنه لم يقدم حتى اليوم فاسد واحد إلى القضاء رغم معرفة الناس بهم وتنامي أعمال القتل والتقطع وتشجيع التحارب الداخلي بالسكوت عنها والنفخ في كير الثارات القبلية في سبيل تحقيق مآرب سياسية قصيرة النظر وانتشار المخدرات وتعاطيها من قبل الشباب بتشجيع من قبل قوى تسعى إلى تجنيدهم ضد خصوم سياسيين في إطار الصراع الدائر وهي الطريقة التقليدية عند قوى نافذة كانت وما يزال لها التأثير القوي في الوسط القبلي وهي من يشجع على ارتفاع منسوب الاختلالات الأمنية من الاختطافات إلى الاعتداءات التخريبية المتكررة التي تتعرض لها خطوط نقل الكهرباء الذي وصل في محافظة مارب إلى 59 اعتداء خلال الفترة من 1 مايو 2012م إلى 15 مارس 2013م وفي مديريات شمال صنعاء إلى 13 اعتداء خلال الفترة نفسها حسب تقرير “سري للغاية” أعدته غرفة العمليات المشتركة المشكلة من ثلاث وزارات هي الداخلية الدفاع الكهرباء كان نشره موقع “المصدر أونلاين” وهو ما حمل خزينة الدولة -العاجزة أصلا- مليارات الريالات وضاعف من معانات الناس وافقدهم الثقة بالدولة وبدورها الضامن لتحقيق مصالحهم.
وأشار التقرير نفسه لأسماء المخربين الذين يقومون بالاعتداء على خطوط نقل الكهرباء ولا أظنهم إلا يعرفون من يقف خلف هذه الأسماء.
حل المشكلة الأمنية لا يتأتى فقط من خلال استخدام القوة فالحلول الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاعلامية تكتسب الأهمية الأبرز من ذلك تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وحل مشكلة البطالة من خلال إيجاد فرص عمل للشباب وتطوير التعليم راسيا وأفقيا والنهوض بوسائل الإعلام المختلفة والمؤسسات الثقافية وضبط مؤسسات الضبط القضائي للقيام بدورها المرجو.
إن المشكلة الأمنية هي الأبرز ويقتضي أن يكون لها الأولوية في أجندة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة.

قد يعجبك ايضا