التجارة دöين ودنيا

علي أحمد بارجاء

 -  يؤكد العرف قبل القانون في التجارة أن العلاقة بين البائع والمشتري قائمة على مبدأ الربح والخسارة والبائع هنا أحوج ما يكون إلى المشتري لذا فهو أكثر وأشد حرصا
علي أحمد بارجاء –

> يؤكد العرف قبل القانون في التجارة أن العلاقة بين البائع والمشتري قائمة على مبدأ الربح والخسارة والبائع هنا أحوج ما يكون إلى المشتري لذا فهو أكثر وأشد حرصا على إرضاء زبائنه ما يستطيع إلى ذلك سبيلا فيقدم لهم أجود البضائع والسلع وأقل الأسعار وأفضل وأسرع الخدمات مع الأمانة والصدق في المعاملة وحسن الاستقبال والترحاب ويتوöج كل ذلك بالبشاشة وطلاقة الوجه والكلمة الطيöبة.
وكلما كانت هذه الصفات قöيمة وطبعا في التاجر وليست تصنعا وتطبعا كسب رöضى وثقة زبائنه و حبذوه على سواه فشاع صيته وراجت سوقه ووفقه الله في تجارته وبارك له فيها.
نعرف من التجار من يقول ناصحا لزبونه وقد جاءه لشراء سلعة ما: إöن السöلعة التي لديه رديئة أو أقل جودة وإöن سعرها كذا وكذا فإن هو أراد الأجود فسيجدها لدى التاجر فلان.
ونعرف من التجار من يتفقد بضائعه بشكل دوري فيبúعöد ما انتهت مدة صلاحية استخدامها ليتلöفها أو يخفض ثمن ما اقتربت مدة صلاحية استخدامها على الانتهاء. ومنهم من يقبل إعادة الزبون لسلعة ما حتى لمجرد أنه لم يعد يريدهافيرد له ثمنها كاملا غير منقوص من غير أن يجادله أو يسأله عن السبب فقد ترسخ في عرفهم بالممارسة إöن (الزبون دائما على حق). مثل هؤلاء التجار لم يكونوا بحاجة إلى دعاية أو إعلان أو ترويج لبضائعهم فيخسرون من أجل ذلك المبالغ الطائلة لقد علمتهم الخöبرة وصقلتهم التجربة فعرفوا أن (من عرض بضاعته بارت).
ومن التجار من مارس التجارة عن ورع وتقوى واجتهد في فهم ما جاء في القرآن الكريم وفي السنة النبوية مما له صلة بفقه التجارة فلا يحتكر ولا يرفع في السعر مستغلا ندúرة أو شöحة في سلعة من السلع طمعا في ربح محرم. ومن أجلö ما يروى عن أسلافنا في زمن مضى أن من يريد ممارسة التجارة لا يقدöم عليها إلا بعد أن يتفقه في شروطها ويعرف حلالها من حرامöها ويتúقöن حساب زكاتها لتكون مهنة وعملا من الأعمال الصالحة ينال بها الربح الدنيوي الشرعي والأجر والثواب من الله في الآخرة. فلو التزم كل تاجر بقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “رحöم الله عبúدا سمúحا إöذا باع سمúحا إöذا اشúترى سمúحا إöذا قضى”وقوله: “منú غشنا فليúس مöنا” لكان التجار في خيرö كثير.
وخلúف كلö نجاح تجاري تاجر راقب الله في تجارته فحقق أرباحا كبيرة في سنوات قليلة وعاش سعيدا في حياته وأمöن ماله من الآفات من حريق وغرق وسرقة وخسائر.
وإليك مثالا من تعامل الإمام أبوحنيفة حين عمل في التجارة فقد نشأ الإمام أبوحنيفة في أسرة تمتهن التجارة فأبوه وجده كانا تاجرين وقد كان كأبيه وجده تاجرا ولكنه ليس ككل التجار فهو تاجر ناجح لأنه أمين يخاف الله ويعطف على الفقراء ومما روي عنه:
ـ جاءته امرأة تبيع له ثوبا من الحرير وطلبتú ثمنا له مائة وعندما فحص الثوب قال لها: هو خير من ذلك فزادت مائة ثم زادت حتى طلبت أربعمائة فقال لها: هو خير من ذلك فقالت له: أتهزأ بي¿ فقال لها: هاتي رجلا يقوöمه فجاءت برجل فقومه بخمسائة.
ـ وجاءته امرأة أخرى أرادت أن تشتري منه ثوبا فقال: خذيه بأربعة دراهم فقالت له: لا تسخر مني وأنا عجوز! فقال لها: إني اشتريت ثوبين فبعت أحدهما برأس المال إلا أربعة دراهم فبقي هذا الثوب على أربعة دراهم.
لقد تغير حال التجارة اليوم عما كانت عليه في سابق الأيام بعد أن امتهنها الأدعياء ممن ليسوا من أهلها أو المؤهلين لها فأصبحوا لا يفكرون سوى في الرöبöح الكبير السريع وأصبح كل شيء في التجارة يسير على العكس تماما عما كانت عليه في الماضي ولذا لا نستغرب أن نسمع عن كثرة الشكوى من انعدام البركة وضعف أو شلل الحركة التجارية والبيع والشراء ناهيك عما يتعرض له التجار من الخسائر والإفلاس والأضرار في الأحوال والأموال.
وفي تراثنا من الحكم والأمثال العامöية التي أنتجتها تجارب السنين الماضية في المعترك التجاري وظلت إلى يومنا هذا تتردد على ألسنة البائع والمشتري:
(إذا التجارة خسارة ترك التجارة تجارة/ أما زراعة بقوة والا تجارة بقانون/ اشتر لك وللسوق/ اشúترú بخمسة وبöعú بخمسة واكسب بين الخمسة والخمسة (أي: اكسب الزبون)/ خذú من الغ

قد يعجبك ايضا