الأخلاق والتخفيف من الفقر

عارف الدوش


 - * ما نراه يسود العالم هو عبارة عن علاقات غير متوازنة بسبب التوزيع غير العادل للثروة بين البشر حيث تستغل الدول الغنية وفرة المال في خزائنها للسيطرة على الدول الفقيرة وحتى على شعوبها لفرض رؤية ونظام وطريقة حياة الأقلية التي تعمل على تركيز الثروة وال
عارف الدوش –

* ما نراه يسود العالم هو عبارة عن علاقات غير متوازنة بسبب التوزيع غير العادل للثروة بين البشر حيث تستغل الدول الغنية وفرة المال في خزائنها للسيطرة على الدول الفقيرة وحتى على شعوبها لفرض رؤية ونظام وطريقة حياة الأقلية التي تعمل على تركيز الثروة والسلطة بيدها ولهذا نجد في الدول الغنية والغنية جدا لا تخلو بعض شرائح مجتمعاتها من الفقر أيضا.
* لمعالجة مشكلة الفقر هناك نظريات وأساليب كثيرة منها الاقتصادية والاجتماعية منها تحديد عدد المواليد وغيرها من أساليب حل مشكلة الفقر.. لكن ستظل كل أساليب معالجة مشكلة قاصرة وغير مجدية ما لم تعتمد على القيم والأخلاق لأن غاية الأخلاق تتلخص في مسألة واحدة وهي تربية النفس وإصلاحها وهي من أعقد المسائل وأصعبها لأن كثيرا من الناس قد يحققون نجاحات في مسائل صعبة ولكنهم لا ينجحون في تربية نفوسهم وإصلاحها لأن النفس جبلت على التملك والتمتع وإشباع متطلباتها .
* وتظل تربية النفوس وإصلاحها مسألة هامة تقع في مركز إطار الهدف من خلق الله تعالى للكون والحياة والإنسان وبعث الرسل والأنبياء بمكارم الأخلاق وبكتب سماوية تتحدث عن العدل والحكمة والأخلاق والمساواة بين الخلق وضرورة تحلي العباد بالفضائل والتخلي عن الرذائل وكلها تهدف إلى إصلاح النفس البشرية وحين يتمكن الإنسان من ترويض نفسه وتربيتها على الفضائل وفي مقدمتها منهج الإنفاق والتكافل والقيام بالفرائض والواجبات المتعلقة بالمال والوقوف إلى جانب الفقراء فإنه يؤدي بذلك خدمة كبيرة في طريق حل مشكلة الفقر فالتركيز على تربية النفوس يقود الأفراد والمجتمعات والدول إلى نجاحات في مختلف مجالات الحياة فحيثما تصح النفس وتزكى تنتج أفكارا وأفعالا صحيحة وسليمة تعود بالنفع على الأفراد والمجتمعات والدول.
* لقد عالجت كثير من الأمم والشعوب مشكلة الفقر بالأخلاق من خلال إشاعة قيم العمل وتحبيبه وتقديم التسهيلات لجعله متاحا لدى القادرين على العمل باعتبار الأصل أن كل إنسان في عالم الإسلام مطالب بأن يعمل ما دام قادرا على ذلك والآيات والأحاديث وشواهد التاريخ الإسلامي معروفة لدى الكثيرين وكلها تؤكد قيمة العمل وتعززها بالأمر حينا وبالنصح حينا آخر بالترغيب مرة وبالترهيب مرة أخرى.
* بعد ذلك يأتي العنصر الثاني لمعالجة مشكلة الفقر وهو: كفالة الموسرين والأقارب ذلك أن ” أولو الأرحام أولى ببعض في كتاب الله” (الأنفال : )ولاحظ معي أخي القارئ ” إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى” (النحل: ) وفي الحديث الشريف ” فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه” ـ متفق عليه. والتشريع الإسلامي هو الوحيد الذي ينفرد بإقرار هذا الحق للفقير تجاه قريبه الموسر. أما الزكاة فهي الحل الثالث لمعالجة مشكلة الفقر وهي علاوة على أنها أحد أركان الإسلام الخمسة وقرينة الصلاة فإنها العبادة الوحيدة التي يمتد أثرها إلى الناس بصورة مباشرة يلتمسونه من خلال مأكلهم وملبسهم باعتبارها مالا يقتطع بنسبة معينة ليوجه إلى مصاريف محددة في المجتمع تتعلق بخدمة الفقراء والمساكين والمحتاجين وابن السبيل إلى آخر مصارفها الثمانية بينما الأركان الأربعة الأخرى للإسلام تقوم على علاقة الإنسان بربه. ولا تنعكس على الآخرين إلا في صورة غير مباشرة بقدر انعكاس أداء شعائرها على خلق المسلم وسلوكه.
يتبع الحلقة الثالثة

قد يعجبك ايضا