الأخلاق والتخفيف من الفقر
عارف الدوش
عارف الدوش –
* ورد ذكر المال في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بصيغ متعددة لكنها واضحة ومحدد الهدف منها كونها تعالج موضوع هام يتوقف عليه المحافظة على الإنسان وكرامته التي كرمه الله بها وكذا المحافظة على سلامة الدين واستقرار المجتمعات والدول فقد ورد المال في القرآن الكريم في مواضع مختلفة بصيغة التحذير من استخدامه بما يؤدي إلى الظلم وطغيان الباطل قال تعالى ” لا تأúكلوا أمúوالكمú بيúنكمú بöالúباطöلö”( النساء : 29) وورد بمعنى التطهير من الذنوب وتزكية النفوس قال تعالى “خذú مöنú أمúوالöهöمú صدقة تطهرهمú وتزكيهöم بöها” (التوبة : 103) وورد المال باعتباره فريضة من الله وحق للفقراء والمحتاجين قال تعالى” وفي أموالهم حق للسائل والمحروم” (الذاريات:19)وورد بصيغة التحذير والوعيد من العذاب عندما يتم كنزه وعدم الإنفاق منه قال تعالى” والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ” (التوبة :34) وورد المال باعتباره وسيلة تحقق عنصر التوازن في توزيع الثورة في المجتمعات قال تعالى ” كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم” (الحشر:7) وورد في السنة المطهرة بصيغة التحذير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بحبúس الزكاة ” وورد بصيغ أخرى مختلفة ولكن كلها تصب في خدمة الدين والإنسان والأوطان.
* وباختصار فالفقر هو عدم الحصول على المال لمواجهة متطلبات الحياة من مأكل وملبس ومسكن وتطبيب وتعليم .. الخ ويعتبر الفقر من أهم المشكلات التي تؤثر في حياة الشعوب فهو يقلب أخلاق وسلوكيات وفكر وثقافة الفرد والأسرة والمجتمع رأسا على عقب ويدمر أصول وقيم الدين الحنيف وكل القيم والمعاني الإنسانية الجملية التي جاء بها ولهذا فقد جاءت الآيات القرآنية المتعلقة بالمال واضحة لا لبس فيها وكذلك الأحاديث النبوية في السنة المطهرة.وقد أهتم المفكرون والمصلحون ورجال الاقتصاد والتجارة والسياسة في مختلف الأزمان بمعالجة مشكلة الفقر اهتماما بالغا ووضعوا الضوابط التي تحجمها وتكبح طغيانها على الأفراد والمجتمعات والدول واجتهدوا في الحلول التي تعالج أسبابها ولقد من الله سبحانه وتعالى على سيدنا محمد صلى الله عليه وأله وصحبه وسلم فقال له :” ألمú يجöدúك يتöيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائöلا فأغúنى ” (الضحى: 6-7-8) كما من على قريش فقال لهم : “فلúيعúبدوا رب هذا البيúتö الذöي أطúعمهم مöن جوع وآمنهم مöنú خوúف” (قريش: 3-4) وعلمنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وأله وصحبه وسلم أن ندعو الله تعالى ونقول ” : ” اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر” ونقول أيضا:” اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة وأعوذ بك من أن أظلöم أو أظلم ”
* ودائما يربط الفقهاء بين الفقر وسلامة العقيدة وسلوكيات الإنسان ومثله العليا فقال رسول الله صلى الله عليه وأله وصحبه وسلم :”كاد الفقر أن يكون كفرا ” (رواه أبو نعيم في الحلية عن أنس) .كما أن الفقر يعمل على تهيئة النفس البشرية ضعيفة الإيمان للانحراف إلى مسالك المنافقين والمرتشين واللصوص وقرناء الشياطين كما أنه يولد عند بعض أصحاب الحاجات الحقد والكراهية والبغضاء من الذين وسع الله عليهم في الأرزاق ويقود الفقر أحيانا إلى رذائل الأخلاق ومنها على سبيل المثال السرقة وهتك الأعراض والرشوة والنصب والاحتيال وغير ذلك من أنواع وأشكال الفساد الاقتصادي الأخلاقي
* ويظل من أخطر آثار مشكلة الفقر أنه يفقد الأفراد والمجتمعات والدول حريتها ويمكن الفقر الدول الغنية من إذلال الشعوب والدول الفقيرة وابتزازها والسيطرة على قرارها الوطني وجعلها دول تابعة منقادة لا حول لها ولا قوة ويعتبر سلاح الجوع والتجويع النموذج العملي الواضح في هذا العالم للسيطرة والطغيان واضطهاد الإنسان لأخيه الإنسان وسحق الكرامة الإلهية التي كرم بها الله الإنسان وفضله بها على العالمين.
يتبع الحلقة الثانية