رسالة إلى حكومة الوفاق‮ ‬

د‮. ‬يحيى بن‮ ‬يحيى المتوكل

د‮. ‬يحيى بن‮ ‬يحيى المتوكل –
لاحظت خلال الفترة الماضية تلكؤ الحكومة عن اتخاذ موقف محدد وواضح تجاه أسعار المشتقات النفطية رغم تعدد تلك الأسعار واختلافها بين بعض المحافظات والذي‮ ‬ينم عن‮ ‬غياب أية رؤية شرقا‮ ‬أم‮ ‬غربا‮ ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬تصدح آراء من هنا وهناك مطالبة بإعادة أسعار المشتقات إلى مستوياتها السابقة‮ ‬وهو أمر‮ ‬في‮ ‬قمة الخطورة‮. ‬لذلك‮ ‬ومن باب المسئولية الوطنية أرفق هذه المقالة لتسليط الضوء على هذه المسألة من مدخل موضوعي‮ ‬ونظرة إلى المستقبل‮. ‬

النفط وإشكالية دعم المشتقات النفطية
لا‮ ‬يعتبر بأي‮ ‬حال هذا الموضوع أو عنوانه جديدا‮ ‬أو حتى مقتصرا‮ ‬على الحالة اليمنية‮ ‬إذ كان وما‮ ‬يزال موضوعا‮ ‬للنقاش وأحيانا‮ ‬الجدل الفكري‮ ‬لعقود طويلة من خلال تقييم آثار إنتاج النفط‮ ‬في‮ ‬العديد من الدول سلبا‮ ‬وإيجابا‮. ‬وقد‮ ‬يستغرب البعض الحديث عن سلبيات‮ «‬هذه الثروة‮» ‬باستثناء ما نعرفه عن دوره في‮ ‬تلويث البيئة‮. ‬والحقيقة التي‮ ‬يغفل عنها كثيرون أن النفط قد ترك تأثيرات عميقة على اقتصاديات الدول المنتجة له سواء الصناعية منها مثل هولندا والنرويج أو الأقل تنمية ومنها اليمن‮. ‬وببساطة‮ ‬فإن أهم تلك التأثيرات السلبية تتمثل في‮ ‬الدفع بالدولة النفطية‮ ‬لتتجه نحو اقتصاد ريعي‮ ‬اعتمادا‮ ‬على إيرادات سهلة تحصل عليها الدولة ولا‮ ‬يقابلها نشاط إنتاجي‮ ‬حقيقي‮. ‬وبطبيعة الحال‮ ‬يصعب على هذه الدول رفض هذه النعمة‮ ‬ولكن الأهم أن‮ ‬يكون لديها رؤية لتعظيم الانتفاع منه وبشكل رشيد ودون التأثير على القطاعات الأخرى في‮ ‬الاقتصاد الوطني‮ ‬والذي‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون متنوعا‮ ‬ومتوازنا‮.‬
إن إنتاج النفط في‮ ‬اليمن ومنذ عام‮ ‬1984م من حقول مأرب قد حل‮ ‬إلى حد‮ ‬كبير‮ ‬مكان تحويلات المغتربين اليمنيين في‮ ‬توفير النقد الأجنبي‮ ‬للاقتصاد الوطني‮ ‬حين أخذت تلك التحويلات تتراجع ابتداء‮ ‬من منتصف ثمانينات القرن الماضي‮ ‬رغم استمرارها كأحد المصادر الرئيسية‮. ‬وقد أدى المصدر الأول‮ (‬تحويلات المغتربين‮) ‬وكذلك المصدر الثاني‮ (‬التحويلات‮) ‬إلى خلق تشوهات في‮ ‬الاقتصاد الوطني‮ ‬من خلال المحافظة على سعر صرف الريال اليمني‮ ‬عند مستويات أعلى بكثير مقارنة باقتصاد متوازن‮ ‬يعتمد على قطاعات إنتاجية كالصناعة والزراعة والسياحة وغيرها‮ ‬والتي‮ ‬تعتبر القطاعات الأكثر تضررا‮ ‬من ذلك الوضع‮. ‬بل‮ ‬لقد حال استمرار ذلك الوضع وحتى اليوم دون نهوض الأنشطة التي‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون لبلادنا فيها ميزة نسبية للتوسع في‮ ‬السوق المحلي‮ ‬وكذلك الصادرات‮.‬
ورغم أن كافة خططنا التنموية الخمسية قد نصت ودون استثناء على هدف تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني‮ ‬إلا أن سياسات الدولة لم تكن جادة لتطبيق السياسات النفطية اللازمة للحد من التأثير السلبي‮ ‬للقطاع النفطي‮ ‬مع الإقرار أنه لم‮ ‬يكن من السهل للحكومات المتعاقبة أن تصر على سياسات صعبة وغير شعبية ومكلفة في‮ ‬المدى القصير ولكنها ستؤدي‮ ‬إلى نتائج إيجابية على المدى المتوسط والطويل‮. ‬لقد فضلت تلك الحكومات وبحسب‮ – ‬ديناميكية علاقات الدولة آنذاك‮ – ‬المضي‮ ‬في‮ ‬الممارسات المعتادة والسهلة من مدخل‮ (‬ابتعد عن وجع الرأس‮) ‬والاستمرار في‮ ‬الارتهان للعائدات النفطية التي‮ ‬تتفاوت صعودا‮ ‬وهبوطا‮ ‬وفق الأسواق العالمية‮ ‬وبما لها من تأثيرات قاتلة على الاقتصاد الوطني‮. ‬

قد يعجبك ايضا