أين رمضان¿
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش –
من منتصف شعبان تهفو الروح إلى لقاء رمضان , وياما خرجنا في الحارات نرحب بالشعبانية وبمقدم رمضان , وكلما دنا موعده طربت النفوس فرحا لقدوم خير الأشهر وأجملها روحيا وإنسانيا , وتعزيزا للعلاقات الإنسانية حيث يتجلى التكافل الاجتماعي في أروع صوره, وأما ليالي رمضان فيستعد لها الإنسان مبكرا بتخيلها , وحين مقدمها يرتوي من انسها ولقائه بالآخرين , وكل يبرمج حياته اليومية على أن المساء الرمضاني وليله فرصة للتزود للعام القادم بكل ما هو جميل , وللشعوب عاداتها وتقاليدها واستعداداتها احتفاء بمقدمه وحلوله , في مصر ترى الشوارع وقد تزينت بالفوانيس , ( حالو يا حالو ) تعطر الأفواه, وتتحول ليالي القاهرة إلى عيد يومي , فإذا ما اعتلت كاميرا سماء القاهرة والقرى والكفور والنجوع سترى أدعية وصلوات وتواصلا روحيا , ومآذن تسبح بسم الله , ترتفع إلى السماء كالغمام وأضواء النفوس مبهرة منبهرة برمضان , فإذا امتد البصر إلى السودان سترى الشوارع الجانبية والأزقة والحارات وقد امتدت عليها موائد الخير (والله عليك يا زول ) تتمتم بها الشفاه تدعو كل مار أو غريب ليجلس على أقربها , وإذا امتد البصر إلى تركيا سترى موائد الرحمان النظيفة في كل الشوارع الثانوية تشرف عليها بلديات الأحياء , وسوريا كانت تتحول إلى فرحة ما بعدها فرحه بقدومه وليس هناك أجمل من مائدتها وحسن أخلاق السوريين الذين يعانون ونحن نتفرج كعرب ومسلمين فلم نر دولة عربية احتضنت من الجأتهم الحالة المرعبة إلى ترك ديارهم , وما أقسى أن يمر عليك رمضان وأنت بعيد عن دارك!, في هذه البلاد لا تدري ماذا أصاب الناس فلم يعد رمضان كما عرفناه , أين البهجة فلا تراها, ولا تلمس ذلك الشوق الإنساني للياليه كفرصة عظمى للتواصل والاتصال!, افسدناه بالقات والسهر بدون معنى , ونهارات معظمنا يخرج من بيته “مدوخ” من قلة النوم , هل رأيتم شعبا يستقبل رمضان بإحراق التائرات¿ وبالقريح اللعين الذي يزعج الآمنين كل ليله , وعلى فكرة لا تدري أي سر فينا فالفرح نستقبله بالرصاص !!والعرس ندججه بالسلاح , ولولا السلاح المباح للأطفال لما حصلت مأساة أمان والخطيب التي تضيع رويدا حتى من اذهاننا , وهي فرصة لمن يريد الناس أن ينسوا أن هناك وهنا من هو اكبر من الجميع , فالله موجود وهو ارحم الراحمين , وإذا خرجت إلى أي ديوان عدت بالهموم فوق همومك ما جعل كثيرين يظلون في زوايا منا زلهم لم يعودوا يخرجون ويلتقون!, كان هناك من يعتبر رمضان فرصة للقراءة والاطلاع , وحتى هذه لم تعد قائمة ولا موجودة .., لست مكتئبا حتى يقرأ من يقرأ على أن هذا هو همي وحدي .. لا .. بل إن الهم هم جمعي لا بد يخضع لرصد ودرس من الأخصائيين الاجتماعيين .. كل عام وانتم بخير.