زخات استقرائية من كفاح سيرة وتجربة الفتيح الإبداعية3-3
منصور السروري
منصور السروري –
تعز الاغتراب الداخلي
أسباب كثيرة أدت إلى انتقاله إلى تعز. . ويبدو أن الحراك السياسي السري الذي كانت تشهده الحديدة حينذاك ومنها (حزب الطليعة الشعبية) كان له الدور الرئيس في انتقاله إلى مدينة تعز.
غير أن الفتيح لا يخفي أن الطفرة التي حدثت أثناء حكم الحمدي شجعته على نقل وظيفته من البنك إلى وزارة الثقافة التي يتبعها قطاع الآثار والمتاحف حيث يكمن فيها تخصصه العلمي.
ثمة دلالات في أشعاره التي كتبها في مستقر إقامته الأخيرة بتعز منذ العام 1975 م حتى تقاعده عن الوظيفة عام 2002 م وحتى وفاته. . دلالات تبين أصالة الفتيح وعمقيتها الإنسانية النبيلة كقوله
شأكل حلال… .. من غالي زندي… … الريال يملأ يدي. . . هذا المقطع من قصيدة غناها الفنان محمد صالح شوقي
في أول شريط نزل له إلى الأسواق. . هذا المقطع يدل دلالة على أن الفتيح لن يأكل الحرام وإن كان متاحا أمامه بأشكال وصور لا حصر لها.
مقطع يعبر عن الظروف التي جبلته على العودة إلى ( عدة البناء ) التي لم يتخلص منها لأنه يعلم أن الزمن جائر وهاهو يجور عليه مع فارق بسيط أنه لم يشتك من هذا الجور.
فضل أن يعيش في الظل وفي مقدوره أن يعيش الشهرة التي كانت تطرق بابه. . استعصت أصالته الخنوع للشهرة المزيفة. . عصيان كانت كلفته باهظة التي من صورها الحكم عليه بالغياب مع وقف التنفيذ إلى حد أن الكثيرين كانوا يظنوا أن الفتيح قد توفي بينما هو على قيد الحياة.
كان في مقدور الحياة أن تمنحه عوضا عن الفقر الغنى إن هو سار على درب الكثيرين الذين نكصوا المبادئ القيمية الكبيرة التي عاهدوا أنفسهم على تجسيدها في واقع الناس ولكنها بمقابل الفقر منحته غنا آخر. . ثروة امتلاك الأحاسيس المرهفة ونبل الأخلاق وابتسامة التفاؤل بالمستقبل والكرامة وعزة النفس والأخيرة حدت به أن يحيا مرفوع الهامة دونما ينتظر من أحد وساطة تحسن مركزه الوظيفي أو المالي اللذين يستحقيهما بجدارة.
لقد كان عام 1981م من أتعب الأعوام التي عاشها الفتيح. . حيث تكالبت عليه المشاكل من كل الاتجاهات وصلت إلى حد تهديده بالقتل هو وأم مطر من بعض الموتورين في تعز غير انه ابو مطر وقف امامهم وقفة جبل صبر وانشد يقول :
أبو مطر حبك يا كحلا واخلص
وغازلك وشقرك وعرقص
ياويل من عابك أوبك تربص
والله العظيم لا فلقه بمفرص
وا راعيه قولي لشارح الحول
في الوصل قول الفصل والقوة والحول
الفعل شذهبنا والرد مش قول
لا تسكتيش خلöي السكوت لا بو الهول
هذا هو هو الفتيح يقسم بأنه سيفلق إلى فلقتين كل من يحاول إلحاق العيب بالكحلا أو حتى مجرد التربص وفعلا انتصر الفتيح على أعداءه حينها.
وأكد على قساوة تلك الظروف التي استهدفته وظيفيا وسياسيا واجتماعيا وأدبيا بالقصيدة التي كتبها كوصية عند ولادة “مطر ” يقول فيها بثقة :
يا أم مطر
إن مزقني الفاشست
غدا أو بعد غد
لا تبتئسي
كوني كقدر
كوني زمزمة لرعودي
كوني عربدة لرياحي
كوني سيلا شلالا
للمطر القادم
يا أم مطر
****
يا أم مطر إني راحل
لكن رحيلي
سيهز شيوخ القيعان
وشبان الساحل
ويمزق هذا الليل
وحراس الليل
يخلي عاليهم سافل
إني راحل
علاقته الفضول وأبو ماهر
عندما سألته عن علاقته بالشاعر الكبير عبدالله عبدالوهاب نعمان “الفضول” هل نشأت علاقة بينهما في تعز أتذكر أنه جر نهدة وقال :
الفضول كان رجلا غير عادي. . الفضول كان فلتة من الفلتات بعد فشل ثورة 48م التي أعدم الإمام فيها أباه الشيخ “عبدالوهاب نعمان ” لم يستسلم الفضول بعد هذه المأساة الكبيرة. . استطاع أن يلملم جراحاته وأحزانه من العدم تعرف كيف من العدم ¿ ــ الذين يعرفونه سيذكرون الطريقة التي يطرح بها الفتيح أسئلته ــ يهز رأسه ويحرك يديه لأعلى وأسفل وبجرس صوتي موسيقي لا يمتلكه إلا أديبا وأديبا حقيقيا تنثال مفردات سؤاله إلى وجدانك وعقلك لا تستطيع حيالها ذاكرتك إلا أن تعلقها كلوحة جدراية على أحد حيطان غرفها المؤرشöفة لأجمل الذكريات التي تأبى النسيان.
يستتلي متحدثا عن الفضول :
ــ لقد مثلت جريدة الفضول فتحا جديدا في تاريخ الصحافة اليمنية بأسلوب رصين وأكثر من ساخر. . عندما كنت في عدن كان يطالعنا بكل عدد بروائع وبدائع تجعل كل من في عدن يحجز نسخته منها قبل صدورها إلى درجة أن الاحتلال في عدن أوقفها بإيعاز من الإمام نفسه.
ويؤكد لا أظن في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين أن هناك من كان يماثله في هذا الأسلوب غير الدكتور سعيد عبده في مصر وقلة من الشام والعراق. . أما