الحزب الذي كان يحكم الجنوب و الذي لم يكن يوما حزب الجنوب..

عبدالله دوبلة

 - يمكن القول أن هذه الجملة تقدم مدخلا وتلخيصا جيدا لفهم طبيعة الحزب الاشتراكي اليمنيوتجربته كحزب حاكم في الجنوب منذ الاستقلال حتى قيام الوحدة مع امتداده في الشمال مرورا بدوره في اليمن الموحد انتهاء إلى علاقته الآن بالقضية الجنوبية كأبرز قضية وطنية تواجه اليمن كما تواجه الحزب في المرحلة الراهنة.
عبدالله دوبلة –
يمكن القول أن هذه الجملة تقدم مدخلا وتلخيصا جيدا لفهم طبيعة الحزب الاشتراكي اليمنيوتجربته كحزب حاكم في الجنوب منذ الاستقلال حتى قيام الوحدة مع امتداده في الشمال مرورا بدوره في اليمن الموحد انتهاء إلى علاقته الآن بالقضية الجنوبية كأبرز قضية وطنية تواجه اليمن كما تواجه الحزب في المرحلة الراهنة.
فالصحيح أن نشأة الحزب الاشتراكي اليمني 1978م بهذا الاسم وكجبهة تحرير باسم القوميين العرب قبل ذلك خلال ستينيات القرن الماضي ووصولها للحكم بعد الاستقلال في العام 1967م كان حدثا جنوبيا وفي الإطار الجغرافي لما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية إلا أن الصحيح أيضا هو أن الحزب الاشتراكي اليمني لم يكن إطارا جنوبيا فقط وإنما كان ومنذ التأسيس إطارا سياسيا وحزبيا لكل اليمن الحالية (الجمهورية اليمنية).
كان الاشتراكي كحزب لكل اليمنيين وفي مركزية فكرة الوحدة وكان أصدق تعبير عن التطلعات الشعبية لليمنيين عموما في ذلك الوقت إلا أن هذه المسألة كانت تمثل له كحزب حاكم في بلد (الجنوب) وممتد عضويا في بلد آخر (الشمال) كانت تمثل مشكلة جوهرية للحزب كما كانت مشكلة للبلدين الجنوبي والشمالي على حد سواء تمثلت في ثلاثة حروب حدودية وحروب أهلية في الشمال بدعم من الجنوب وبتأثير وإن أقل في الصراعات الحزبية الدموية في الجنوب وربما لم تكن لتجد هذه المشكلة (المعضلة) حلا لو لم يذهب الشطران باتجاه الوحدة. أو بالأصح لو لم تحسم عسكريا لصالح طرف وضد طرف في حرب صيف 94م.
في مقابلة تلفزيونية لآخر رئيس لليمن الجنوبي وأول رئيس للوزراء في اليمن الموحد المهندس حيدر أبو بكر العطاس لقناة (اليمن اليوم) أغسطس 2012م قال إن هذه الازدواجية في هوية الحزب الاشتراكي كحزب حاكم في الجنوب وممتد عضويا في بلد آخر هو الشمال كانت محل إشكال كبير على طبيعة تكوين وأداء الحزب والدولة في الجنوب مشيرا إلى أنه كان كرئيس لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من الداعين لفض هذا الازدواج في هوية الحزب الحاكم في رؤية كان يتبناها لإصلاح الدولة الجنوبية.. يشار هنا أن منصب العطاس كرئيس جمهورية مع العلم أن ما كان يسمى برئيس مجلس الشعب الأعلى “رئيس الجمهورية” كان منصبا ضعيفا لصالح منصب أمين عام الحزب الاشتراكي الحاكم والذي كان يشغله نائب رئيس الجمهورية اليمنية السابق علي سالم البيض.
يمكن القول أن هذه الذكريات عن طبيعة الحزب الاشتراكي اليمني كحزب حاكم للجنوب سابقا مع كونه حزبا لكل اليمن هي من لا تزال تحضر الآن في طبيعة أداء الحزب ورؤيته تجاه القضايا الراهنة بالأخص القضية الجنوبية كما في رؤية الأطراف الأخرى تجاهه أيضا.
فالجنوبيون المتبنون لفكرة (فك الارتباط) ومعظمهم كانوا قيادات كبيرة في الحزب كالبيض وحسن باعوم مثلا لم يجدا في الحزب الإطار المناسب للعودة للاشتغال السياسي على أجندة فك الارتباط بل يجد أصحاب هذا التيار في ذكرياتهم عن الحزب الوحدوي كما في حاضره أيضا خصما لمشروعهم ما جعلهم يستهدفون حضوره في الجنوب منذ وقت مبكر لظهور (الحراك الجنوبي) في 2007م لصالح حضورهم وحضور مشروعهم لفك الارتباط.
في حين لا يزال الحزب يجد نفسه ملتزما تجاه الجنوب والقضية الجنوبية باعتباره الحزب الذي كان يحكم هناك والذي أتى بالجنوب إلى الوحدة لذا تمثل القضية الجنوبية مسألة جوهرية في أجندة الحزب وأداءاته السياسية غير أنه وهو يتبنى القضية الجنوبية لا يزال ملتزما لماضيه وجوهره الوحدوي كذلك..
فكما هي القضية الجنوبية الامتحان الصعب للبلد الآن هو الامتحان الأصعب للحزب الاشتراكي أيضا.

قد يعجبك ايضا