من ساءه زمن سرته أزمان

يكتبها: علي أحمد بارجاء

 - لم يكن هذا هو عجز بيت الشاعر الأندلسي أبو البقاء الرندي من قصيدته التي رثى بها الدولة العربية الإسلامية في الأندلس ولكنه تحريف له يعكس معناه من حال الرضى والاستسلام والإحباط إلى حال استشراف التغيير إلى حياة أفضل.
كتب الرندي قصيدته نادöبا حالة
يكتبها: علي أحمد بارجاء –

لم يكن هذا هو عجز بيت الشاعر الأندلسي أبو البقاء الرندي من قصيدته التي رثى بها الدولة العربية الإسلامية في الأندلس ولكنه تحريف له يعكس معناه من حال الرضى والاستسلام والإحباط إلى حال استشراف التغيير إلى حياة أفضل.
كتب الرندي قصيدته نادöبا حالة الانكسار والهزيمة التي مني بها العرب ثمة بعد سقوط المدن في يد الأسبان بسبب تراجع العرب في الحفاظ على دولتهم وضعف قوتهم في الدفاع عنها في ظل توحد أوروبا وهبتها لإسقاطهم ودحر الإسلام وثقافته الذي يتغلغل بقوة من هذا الجزء المهم من القارة الأوروبية بعد أن استلهمت منه عناصر القوة والبناء و النهوض العلمي.
لكل شيء إذا ما تم نقصان ** فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول ** من سره زمن ساءته أزمان
كان بيتا الرندي هذان اللذان افتتح بهما قصيدته الشهيرة تقريرا لحقيقة الاستسلام والرضى بالأمر الواقع كما رآها الشاعر قد استقرت في النفوس وأصبحت حقيقة لا يمكن إنكارها فالشاعر قد عاصر الفتن والاضطرابات التي حدثت من الداخل والخارج في بلاد الأندلس وشهد سقوط معظم القواعد الأندلسية ولذا كانت قصيدته قراءة واعية لواقع العرب المسلمين الذي ينذر بغروب شمسهم عن تلك البلاد بسبب غياب عوامل البقاء والاستمرار والنهوض: بعد انصرافهم إلى الانقسام والصراع غير عابئين بأنهم بذلك كانوا يفتون من عضدهم بأنفسهم ويوشكون أن يكونوا لقمة سائغة للدوائر التي تتربص بهم.
كانت هزيمة الدولة الإسلامية في الأندلس هي بداية تراجع ونكوص النهوض العربي بعد أن وصل إلى أزهى عصور التمام والاكتمال في كل مجالات الحياة العلمية والثقافية والسياسية بخاصة ولكن هذا النهوض قوبل بالزهو والغرور وعدم الاعتبار مما حدث في المشرق وأدى إلى سقوط بغداد في 656هـ.
يقول الدكتور أحمد أمين في كتابه ظهر الإسلام: “لقد رأينا مدنا فى الشرق تتساقط كأوراق الشجر تستوجب الرثاء والبكاء كما سقطت بغداد فى أيدى التتار وأزالوا كل ما فيها من مظاهر المدنية والحضارة وفعل التتار بها ما لا يقل عما يفعله الأسبانيون فى الأندلس وغزا هولاكو وتيمور لنك بلاد الشام وأسقطوها بلدا بلدا فما رأينا عاطفة قوية ولا رöثاء صارخا ولا أدبا رقيقا ولا تاريخا مسجلا كالذى رأيناه فى الأندلس فإن قلنا: إن هذه الناحية فى التاريخ الأندلسى أقوى وأشد لم نبعد عن الصواب “
ولا شك أن حكام الأندلس قد رددوا الاستشهاد حينها بالمثل القائل: (ما أشبه الليلة بالبارحة). وكأن العرب وحدهم هم من قدöر لهم أن يرددوا هذا المثل في كل المراحل اللاحقة وكأنهم قد ألفوا الهزيمة وعشقوا الانتكاساتö والخيبات عرفوا تاريخ أسلافهم وأسباب هزائمهم ولكنهم لم يأخذوا العöبر والدروس لتفادي السقوط والوقوع في حال من سبقهم عوضا عن التعلل بعد ذلك بأن ما حدث لهم قد حدث لأسلافهم.
فأي مجد بعد ذلك بناه العرب¿ غير التفرق والصراع والتراجع في كل المجالات مقابل النهوض في الغرب الذي بسط سيطرته بالاستعمار المباشر أو غير المباشر وبخاصة بعد انتصار حركات التحرر والثورات العربية التي انطلقت منذ منتصف ستينيات القرن العشرين وعلى إثرها نالت معظم الدول العربية استقلالها.
صحيح أن لكل تمام نقصانا وأن لكل شيء نهاية ولكن قد تتسبب الأمم في نهاياتها إذا تهاونت في الحفاظ على عوامل بقائها ولكن ليس حقيقة أن كل من يسره زمن واحد لا بد له أن يساء أزمانا كثيرة إذا لم يقترف ما يوجب ذلك¿ وها هي قد مضت خمسون عاما من الثورة اليمنية واليمن يعيش في صراعات مستمرة لا تنتهي فأين هي سنوات الرخاء التي غمرت الشعب بالثراء والسعادة ليذوق سنوات أخرى سيئة وما الذي اقترفه شعب هذا البلد ليظل يصارع ويعاني وليس له في ما يحدث ناقة ولا جمل وهل سيظل يتجرع أخطاء الساسة وصراعاتهم من أجل مصالحهم الضيقة¿ لينعموا هم ويساء الشعب عوضا عنهم¿! نعم في أي زمن سر هذا الشعب ليجازى بالسوء الذي لا ينتهي¿!
من هنا لا بد أن لا نقبل بقول الرندي: (من سره زمن ساءته أزمان)! بل لا بد أن نطالب وبشدة أن يتحقق العكس تماما ذلك أن سني المعاناة والحرمان والفقر وغير ذلك من الظروف السيئة التي عاشها الشعب في اليمن ولا يزال يعيشها يجب أن تنتهي وأن تقف عند حد لا يقبل ب

قد يعجبك ايضا