رموزنا ترحل وحقهم في التكريم مرحل

أ.د عبدالله أحمد الذيفاني

 - التكريم ليس هبة من الحاكم أو من مؤسسات المجتمع أيا كانت بل هو استحقاق لرموز بذلت من أجل هذا الوطن وقدمت له الكثير وأفنت ما مضى من عمرها خدمة لأهداف نبيلة
أ.د عبدالله أحمد الذيفاني –
التكريم ليس هبة من الحاكم أو من مؤسسات المجتمع أيا كانت بل هو استحقاق لرموز بذلت من أجل هذا الوطن وقدمت له الكثير وأفنت ما مضى من عمرها خدمة لأهداف نبيلة

> وأنا أشارك في تشييع جثمان فقيد الأدب والوطن بكل التجليات والمعاني الأستاذ محمد عبدالباري الفتيح الشخصية التي تركت بصماتها واضحة جلية في الأدب وحقول العمل الوطني المختلفة تذكرت خطابا لفقيد الوطن الكبير الأستاذ عمر الجاوي أثناء تأبين فقيد الوطن الأكبر الأستاذ أحمد محمد نعمان إذ قال الراحل الكبير الجاوي: إن بلادنا تعاني من نفاق سياسي فاضح وكبير فاليوم نحن نحيي ذكرى أربعينية الأستاذ النعمان ونكيل له الألقاب ونجزل فيها ولا نتردد عن أي لقب في حين تعرض أستاذنا في حياته للنفي وسحب الجنسية وتعرض لصنوف القهر والاستبداد السياسي. وتساءل: لماذا لا يكون تكريم الشخصيات الوطنية والإبداعية في حياتها لماذا نتركها تحرم من لحظة فرح تشعر فيها بتقدير المجتمع لدورها¿!.. ومما قاله أستاذنا الجاوي رحمه الله أنه يوصي ابنه أن لا يسمح بتكرار هذه المهزلة وأن يقوم بدفنه مباشرة بعد وفاته وأن لا ينتظر لمشاركة رسمية وجنازة رسمية وما شابه ذلك من إجراءات عبثية وهذا ما حدث فعلا.
وأتذكر أيضا أن أستاذنا محمد عبدالله الفسيل أطال الله في عمره ومده بالصحة والعافية وهو شخصية وطنية أسهمت في الحركة الوطنية من ثلاثينات القرن الماضي أنه قال أكثر من مرة: لا نريد تكريما بعد وفاتنا فلماذا لا تكرم الدولة والمجتمع رموزها في حياتهم¿
التكريم ليس هبة من الحاكم أو من مؤسسات المجتمع أيا كانت بل هو استحقاق لرموز بذلت من أجل هذا الوطن وقدمت له الكثير وأفنت ما مضى من عمرها خدمة لأهداف نبيلة رسمتها للوطن ولم ترسمها لنفسها ونزفت لأجل ذلك الدم والعرق والأنين والوجع ورزحت تحت طائل المطاردة والاعتقال والاستبداد ولم تتردد أن تكون ضحية على محراب الحرية والانعتاق.. فلماذا تبخل الدولة ومؤسسات المجتمع عن تقديم لفته بسيطة هي من واجبها لأناس كانوا سببا بعد الله في وجود هؤلاء على كراسي الحكم.
إن مقارنة بسيطة بين من يتربع على الكراسي وفي أي مستوى من المسئولية وبين واحد من الرموز الوطنية من حيث إسهاماته في الحياة السياسية والإبداعية وحجم ما قدمته هذه الشخصية وحجم ما قدمه ذلك المسئول سنجد أن الفارق كبير والمسافة واسعة جدا ألا يستحي المسئولون حين تمر عليهم هذه الأسماء ألا تستوقفهم وتهزهم من الداخل وتفرمل غرورهم. إن بعض المسئولين وجد على كرسي السلطة على حين غفلة إذ وجد نفسه رئيس دولة وكل ما يملكه من رصيد هو حسابات لا علاقة لها بنضال وتضحيات ورصيد وطني حافل.
إنني أدعو بإخلاص الجهات المسئولة في الدولة والمجتمع أن تقوم بوضع قوائم بالرموز والشخصيات المهمة التي قدمت لهذا الوطن وأفنت سنين من عمرها من أجل خروجه من حالة اللا دولة إلى الدولة وقارعت الطغاة والظالمين والمستبدين في فترات مختلفة من التاريخ المعاصر كان آخرها ثورة الحادي عشر من فبراير سنة 2011م ولن تكون الأخيرة إذ أن الاستحقاق الوطني يتطلب استمرار العطاء واستمرار ظهور شخصيات تؤثر الوطن ومصالحه على مصالحها. وعلى هذه المؤسسات أن تقوم بتصنيف عطاءاتها وتعمل على تكريمها بما تستحق في حياتها وتضع بذلك تقليدا سليما في رد بعض ما ينبغي لمن قدم وضحى وبذل من أجل هذا الوطن.
إن الفتيح رحمة الله عليه ظل في حياته كلها يعطي ولم يستعط أحدا وظل يقدم ولم يطلب مقابل ما يقدم عاش باذلا وفي الظل كان يتوارى حتى لا يقال عنه إنه قدم شيئا ..كان المؤهل الوحيد في مكتب آثار تعز من فترة مبكرة من تأسيس هذا المكتب ولم يلتفت إلى هذا التميز..
الفتيح كان شجرة وارفة الظلال يستفيد منها غيره ويظل هو يتلقى حرارة الشمس وتبدل الأجواء ويوفر الحماية لغيره.. فهل سيكون لعائلته ما يستحقون من التكريم الذي يستحقه والدهم البار بالوطن ومصالحه.. وهل يكون الفتيح آخر من يكرم بعد موته ونسمع عن سلسلة تكريم لشخصيات ما تزال على قيد الحياة وعطاؤها ظاهرا جليا للعيان.
إنا لمنتظرون والله من وراء القصد,,,,

قد يعجبك ايضا