ألف مصاب بالفيروس أغلبهم بين مطرقة البطالة وسندان المنع من السفر

تحقيــق هشـــام المحيـــا


تحقيــق / هشـــام المحيـــا –
,أطبـــــــاء: الفيروس لا يمنع المصاب من مزاولة العمل.. لأنه لا ينتقل إلا عبر الدم

يصاب الحاصلون على فيزة أو تأشيرة عمل في الخارج أو في إحدى الشركات المرموقة بصدمة لا يفوقون منها سريعا حين يكتشفون أن الفحوصات المخبرية التي تطلب منهم كشرط للسفر والعمل تثبت وجود فيروس الكبد سي لديهم ليجدوا أنفسهم ممنوعين من السفر والعمل والأمل أيضا مع أن الإصابة بالفيروس لا تستدعي خوف تلك الدول والشركات طبقا للأطباء المختصين..
تفاصيل عديدة نناقشها في سياق التحقيق التالي:

” لم أكن أعلم أن فيروس الكبد سي أصبح ارهابيا يهدد الأمن القومي للبلدان ” هذا ما قاله عبدالله أحمد تلخيصا للمأساة التي يعيشها بعد أن ألغى عقد عمله الذي كان قد حصل عليه من إحدى دول الجوار. عبدالله يعول أسرة كبيرة من ستة أبناء وثلاث بنات إضافة إلى زوجته وأمه الطاعنة في السن كان يمتلك بقالة في محافظة عدن ومع الأزمة الأخيرة التي مرت بها بلادنا اضطر إلى إغلاقها والبحث عن مصدر رزق آخر وبعد تفكير قرر عبدالله السفر إلى الخارج بعد أن ضاقت عليه الأرض بما رحبت فباع أثاث المنزل إضافة إلى ما تبقى من ذهب زوجته والذي كان قد باع نصفه لفتح البقالة وأنهى كل المعاملات ولم يتبق سوى إعلان نتيجة الفحص الطبي والذي كان بمثابة الصاعقة على رأسه الذي زاد من تعقيد المشكلة لديه ولدى أسرته حيث أظهرت التحاليل أنه مصاب بفيروس الكبد (سي) الأمر الذي يعني منعه من السفر. يقول عبدالله وقد ارتسمت ملامح اليأس على وجهه: ” بعنا كل ما نملك من أجل تأمين لقمة العيش لأطفالي وأنهى الفيروس كل الآمال والآن أنا عاطل عن العمل وأبوب الأمل مقفلة في وجهي ولم أعد أعرف للحياة طعما سوى تجرع مصائبها فإصبابتي بهذا المرض الذي جعلني عاجزا عن تحقيق متطلبات أسرتي للعيش فقط.
عبدالله ليس الوحيد ممن كبت الفيروس أحلامهم فماجد العمري الولد البكر لوالده أنهى دراسته الجامعية وحياته مفعمة بالأمل فقد كان يطمح بالسفر إلى الخارج لمواصلة الدراسات العليا في ظل الدعم السخي الذي كان يتلقاه من والده الذي يعمل بناء ولكنها الأقدار فقد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن حيث توفي والده ليتركه في معترك الحياة لم يتعلم ماجد أي حرفة من أبيه تقيه أزمات الدهر فقرر السفر إلى الخارج ولكن هذه المرة ليس للدراسة بل للبحث عن مصدر دخل لأسرته المنكوبة بموت والدهم وبعد الفحص الطبي المقرر قبل السفر تلقى ماجد ما كان يحذره وهو كابوس المسافرين “فيروس الكبد سي” ليعود لممارسة مهنة أبيه التي لم يكن يعرف عنها شيئا وذهب للأرصفة للبحث عن عمل فيما يسمى ” بحراج العمال “حيث العمل متقطع ونادر وفي الغالب لا يعمل ولا تمتلك الأسرة أي مصدر دخل غير الذي يأتيهم به ماجد إن قدر له عمل.
محمد المنصري ممن زهد في العيش “مكرها أخاك لا بطل” عمل لمدة سنة كاملة في حراسة إحدى العمارات في العاصمة بغية الحصول على مبلغ من المال يمكنه من السفر إلى الخارج حيث العملة المرتفعة لم يستوف المبلغ فعاد يطلب دعما ماليا من أبيه الفقير الذي لا يملك إلا بعض المواشي وحمارا يعمل في حراثة أراضي الغير لكسب القوت الضروري فباع الوالد ما كان يملك ولم يستوف المبلغ أيضا فأخذ الوالد بصيرة المنزل ليرهنها عند شيخ المنطقة ليستكمل محمد معاملاته ولم يتبق سوى بضعة أيام تفصله عن مطار صنعاء الدولي ليطير إلى حلمه للعمل خارج البلاد لكن سرعان ما تبددت أحلامه وذهبت في مهب الرياح بعد إعلان التحاليل الطبية إصابته بفيروس الكبد سي.

ذريعة
عبدالله وماجد ومحمد عبارة عن نماذج للآلاف ممن قدر لأكبادهم الإصابة بفيروس الكبد سي وبالتالي يمنعون من السفر وحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية فإن نسبة الإصابة بالفيروس في اليمن تصل إلى %3 أي أن هناك أكثر من 750 ألف مصاب ما يعني أن هؤلاء عليهم البحث عن عمل ــ فقط ــ في اليمن دون التفكير بالخارج مع أن فيروس الكبد سي واحد من عشرات الأمراض التي تنتقل عبر الدم إلا أن قرار المنع لا يشمل الكل مع أن هناك ما هو أفتك منه وكأن ليلة القدر مرت على بقية الأمراض.
الدكتور محمد الخالدي يرى أن منع المصابين بفيروس الكبد سي من العمل في الخارج ذريعة اتخذتها بعض الدول للحد من العمالة اليمنية ويستدل الخالدي لتأكيد نظريته بالقول ” منع المصابين بالفيروس سي لأنهم يشكلون نسبة كبيرة من إجمالي السكان وإلا فهناك الكثير من الأمراض أكثر فتكا من فيروس الكبد سي ولم تمنع المصابين بها من السفر والعمل”.
من ناحية قانونية فإن القانون الدولي لا يمنع المصاب بالفيروس من حقه في الحصول على العمل وقد عملت الدول المتقدمة على دمج المصابين بالفيروسات في المجتمع بما في ذلك المصابين بفيروس نقص المنا

قد يعجبك ايضا