نفق الصراع .. وأفق الحوار

محمد سعيد عبد الله حاجب


محمد سعيد عبد الله حاجب –
بداية التحول الواعي الحضاري لدى الإنسان بحسب تعبير ووصف سيموند فرويد:-(( أن الحضارة بدأت عندما قام رجل غاضب لأول مرة بإلقاء كلمة بدلا من الحجر)) التحول باستخدام العقل وتوظيفه جيدا ( الكلمة بدلا عن القوة والعنف) الكلمة تعني الوصول إلى الحل من خلال التفاهم بلغة ووسيلة الحوار بدلا من ثقافة القوة والعنف والعصبية والتعصب الديني والعنصري التي لا تعطي قيمة للحياة وللإنسان لأنها تعتمد على ثقافة وسياسة الإقصاء والاستئثار والتهميش ترفض الرأي الأخر هناك من يصفون الكلمة بأنها أقوى من طلقة الرصاص لتأثيرها المعنوي والنفسي لمن لم يتعود على ثقافة ولغة الحوار لكنها تشكل قيمة حضارية تبقي الإنسان على قيد الحياة على عكس الطلقة فهي فعل مادي ضار وخطير جدا تؤدي إلى فقدان إنسان وغيابه عن الحياة من هنا تكمن أهمية الحوار والرأي الآخر كقواعد أساسية وقيمة حضارية وثقافية إنسانية كمنهج ينبغي غرسه وتجسيده في ثقافتنا وفي وعي الناس وممارساتهم اليومية في المنزل والعمل والمدرسة والجامعة وفي التربية والثقافة والإعلام ومنظمات المجتمع المدني لمعالجة مختلف القضايا والمشكلات في الدولة والمجتمع من هنا تبرز قيمة وأهمية مؤتمر الحوار الوطني.
تغيرات وتحولات جذرية هامة جدا
التحول الذي حدث في العالم خلال العقدين الأخيرين على مختلف الصعد وما يدور اليوم هو تعبير عملي على تحلحل وتجاوز لبعض الشعارات والمعتقدات السياسية والثقافية والإيديولوجية بما رافقها من تخوين وتكفير وإقصاء خلفت مآسي وكوارث ومظالم وخطايا لا تحصى كانت سبب الأزمات والصراعات والحروب المتتالية عرقلت تقدم وتطور الشعوب و سقط الملايين ضحايا لها ودمرت بلدان تم غزوها ونهبت ثروات شعوب وحدثت كوارث وحروب داخلية لا تحصى في وطننا العربي والإسلامي كان مجرد التفكير في تجاوز أي من تلك المسائل خطيئة قد يدفع صاحبها حياته ولازالت بعض القوى حتى اليوم متمترسة بها وتستدعيها محاولة توظيفها سياسيا متى ما شعرت بتضرر مصالحها السياسية والاقتصادية وفي المقدمة تلك القوى التي أقامت علاقات مع الأنظمة العربية والإسلامية وأجهزتها خلال العقود الماضية تمكنت الأنظمة من توظيفها لخدمتها وضد مصالح الشعوب وتطورها وهي على حد تعبير توماس فريدمان في مقال له نشرته صحيفة الشارع – العدد496- عن خدمة نيويورك تايمز تحت عنوان ربع القرن العربي.
(قد شوهت صورتهم أمام أعين عامة الشعب وهم اليوم على حد وصفه أكثر إسلامية وأكثر طائفية ويحاولون إعادة النظام القديم)) وكما يظهر على الواقع اليوم أنهم يمارسون نفس السياسة ويسلكون نفس الطريق التي سلكها الحكام الذين سقطوا من جهة ولم يستفيدوا من أخطاء التيارات والأحزاب التي حكمت في العديد من البلدان العربية من جهة أخرى.
أما الأمثلة المباشرة للتحول السياسي الجاري اليوم وبصرف النظر من المخططين له ومن يشرف على تنفيذه فقد تم ولأول مرة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية أن يستقيل البابا المنتخب عام 2005م ويتنازل عن كرسي البابوية هذا يحدث لأول مرة في تاريخ الكنيسة ففي تاريخ 13مارس/ 2013م يجتمع (114) كردينال ليختاروا بابا للفاتيكان من خارج أوروبا ولأول مرة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية يتم انتخاب كردينال يسوعي مسيحي أرجنتيني الجنسية من قارة أمريكا اللاتينية تحديدا هو الكردينال جورج…. والمعروف حاليا بالبابا فرانشيسكو والذي أجرى العديد من التغيرات فشكل مجلسا جديدا من كل القارات لتقديم مقترحات لإدارة الكنيسة الكاثوليكية ولإجراء الإصلاحات المتعددة والخروج من الفضائح المتعددة التي حدثت.
– وهناك مثال آخر عشرات الملايين من اللون الأسمر في أكثر من بلد من بينها الولايات المتحدة الأمريكية ظلوا يعانون من الاضطهاد والقمع والملاحقة نتيجة التعصب العرقي والنزعة العنصرية الاستعلائية يدفعون دما ودموعا العديد من المآسي والكوارث حدثت لم يكن بإمكان أسود البشرة أن يدخل مطعما أو يطلع أوتوبيسا أو يدخل حيا سكنيا فيه العنصر الأبيض سواء كان مواطنا أبا عن جد أو مقيما بينما كان يمكن لعنصر أبيض من جنسية أخرى أن يتربع موقعا مرموقا في الدولة وهناك أمثلة لشخصيات بارزة من أصول يونانية وبولندية وشيكيه تربعت أعلى المواقع.
– رئيس الأغلبية الجمهوري السابق في الكونجرس الأمريكي- نويت جيفر يتس- وهو من منظري النظام الرأسمالي العالمي الجديد يقول (( إن الفقراء ميؤوس من وضعهم لأنهم يعانون من مستويات ذكاء وراثية متدنية وأن الفقر مؤذ ج