سقوط الطائرات و” الإرهابي ” نيوتن !
عباس السيد
عباس السيد –
بعد ساعات قليلة من سقوط طائرة السوخواي السبت الماضي وقبل أن تكتمل عملية جمع حطام الطائرة الذي تناثر في مساحة شاسعة من حي ” بيت بوس ” جنوب العاصمة أعلنت الجهات المعنية أن سبب الحادث عمل إرهابي . وهي بذلك تعتقد أنها أبعدت نفسها من دائرة المسؤولية وخصوصا أن الطائرة هي الثالثة التي تسقط فوق العاصمة في غضون أربعة أشهر .
لم تحدد الجهات المعنية نوع العمل الإرهابي ولكنها وضعت لنا احتمالين وتركت لنا حرية الاختيار الأول : احتمال تعرض الطائرة لإطلاق نار من الأرض والثاني : وضع عبوة ناسفة داخل الطائرة .
وبنفس السرعة ظهرت في مواقع التواصل الاجتماعي صور لقطع قالوا إنها من حطام الطائرة يظهر عليها ثقوب تم توضيحها برسم دوائر حمراء حولها للتدليل على تعرض الطائرة لإطلاق نار . وعلى الرغم من تباين أقوال شهود عيان حول لحظات السقوط تؤكد الجهات المعنية أن الطائرة انفجرت في الجو وتستدل على ذلك بتناثر حطام الطائرة على مساحة كبيرة في الحي .
نحن مواطنون بسطاء ثقافتنا محدودة وليس لدينا الخبرة لتفسير مثل هذه الحوادث المعقدة ونحن أيضا على ثقة بالأجهزة العسكرية والأمنية المعنية ولكننا نريد فقط من هذه الأجهزة أن تبادلنا نفس الثقة وأن تحترم عقولنا بتقديم تفسيرات منطقية لبعض النقاط والتساؤلات المشروعة.
على سبيل المثال إذا سلمنا بأن تناثر الحطام في أرجاء الحي يدعم فرضية انفجار الطائرة في الجو ألا يجوز لنا أن نسأل : كيف نشأت في الأرض حفرة قطرها أكثر من عشرة أمتار وعمقها حوالي ثلاثة أمتار ألا يعني ذلك أن الحفرة ناتجة عن انفجار الطائرة بعد ارتطامها بالأرض وأن قوة الانفجار أدت إلى تطاير الحطام إلى مسافات بعيدة كما أن آثار الحريق على واجهة العمارة المجاورة للحفرة تدل على حجم النيران الهائلة التي اندلعت أثناء الانفجار وبعده وهذا قد يشير إلى كمية الوقود التي كانت في خزان الطائرة وإلى احتمال وجود قذائف صاروخية على متنها وهي التي ضاعفت قوة الانفجار¿ !
نحن هنا لا ندعي الذكاء أو الشطارة فمثل هذه الاجتهادات والتحليلات يرددها رجل الشارع العادي ولا تحتاج إلى عبقرية أو نبوغ ولا قراءة في الصندوق الأسود الذي لا يزال ضائعا وهي احتمالات قد تكون خاطئة ولكن الخطأ الأكبر أن يتم إغفالها كفرضيات من قبل الجهات المعنية التي يبدو أنها لا تبحث عن الحقيقة بقدر ما تبحث عن تبرئة نفسها ـ ليس من المسؤولية الجنائية ـ ولكن مما قد يعتبره الكثيرون إهمالا أو عجزا وتقصيرا في تحمل المسؤولية الوطنية والأخلاقية وهي تهم تستوجب المساءلة والتحقيق .
أن تسقط طائرة عسكرية كل أربعين يوما ـ كمتوسط ـ أمر غير منطقي وغير مقبول وعلاوة على ما يمثله ذلك من خسارة مادية وبشرية ومعنوية فإن الأكثر غرابة أن يتم إغلاق ملف الحادث في كل مرة بالركون إلى شماعة ” النظام السابق ” أو الإرهاب ومن يدري فقد نسمع مستقبلا أن السقوط تم بفعل ” قاعدة ” السقوط الحر التي أسسها ” إسحاق نيوتن ” .
غموض التفسيرات الرسمية وسطحيتها في كثير من الأحيان لا تلقى قبولا عند رجل الشارع العادي حتى أن فتى لم يكمل بعد دراسة المرحلة الأساسية أبدى استغرابه من كون الثلاث الطائرات روسية الصنع وخرج باحتمالات جديدة لأسباب السقوط فهو يعتقد أن هناك من يريد تشويه سمعة الصناعة العسكرية الروسية .. أليست هذه الفرضية جديرة بالاهتمام ¿! .
ولنفترض أن التحقيق في هذه القضايا أكبر من قدرات المسؤولين والأجهزة العسكرية والأمنية المعنية وأن الظروف الاستثنائية التي تعيشها بلادنا خلال هذه الفترة تلعب دورا كبيرا في مثل هذه الأحداث والاختلالات . ولكن لماذا يتعامل مسؤولونا مع هذه القضايا وكأنها حوادث مرورية فلا يكلفون أنفسهم مجرد الظهورعلى الرأي العام وإبداء الأسف والحزن وقراءة نفس المعلومات والبيانات التي تنسب ” للمصدر المسؤول أو للمركز الإعلامي ” .
سقوط ثلاث طائرات شأن لا يستحق أن يطل علينا قائد القوات الجوية أو وزير الدفاع أو حتى رئيس الجمهورية لبضع دقائق يبدي خلالها الوعد والوعيد ويعبر عن مشاعر الأسف والحزن ولو تصنعا ¿! .
قامت الدنيا ولم تقعد بعد صدور القرار الجمهوري بتعيين معاذ بجاش وكيلا للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وخلال 48 ساعة استجاب الرئيس هادي للمعترضين وألغى القرار .. وبغض النظر عن صوابية التعيين أو الإلغاء فإن استجابة الرئيس للمعترضين شيء إيجابي يضاف إلى رصيد الرئيس .
أنا لا أعرف معاذ بجاش ـ كان الله في عونه ـ ولكن ما يعرفه