الكميم والبحث عن خطاب للمختارات الشعرية
عبد الرقيب مرزاح الوصابي

عبد الرقيب مرزاح الوصابي –
• في أطروحته الأكاديمية “خطاب المختارات الشعرية الأندلسية: مقاربة للمتعاليات النصية” التي نال بها الباحث محمدمرشد الكميم درجة الدكتوراه في الآداب من جامعة محمد الخامس في المملكة المغربية بتقدير ممتاز مشرف جدا والتي أشرف عليها الأستاذ أحمد بوحسن وناقشها كل من – أ.د. أحمد بوحسن أستاذ النقد المعاصر والنظرية بجامعة محمد الخامس ……… مشرفا ومقررا.
و – أ.د. أحمد الطريسي أعراب أستاذ الشعريات بجامعة محمد الخامس- الرباط وجامعة السلطان قابوس- عمان……. رئيسا.
و- أ.د. محمد العمري أستاذ البلاغة وتحليل الخطاب بجامعة سيدي محمد بن عبدالله- فاس وجامعة محمد الخامس- الرباط ……… ممتحنا داخليا ………… عضوا.
و- أ.د. سعيد بنكراد أستاذ السيميائيات السردية بجامعة مولاي إسماعيل- مكناس وجامعة محمد الخامس- الرباط …….. ممتحنا داخليا ……….. عضوا.
و – أ.د. عبد الفتاح الحجمري أستاذ السرديات وتحليل الخطاب بجامعة الحسن الثاني- الدار البيضاء ومدير مكتب تنسيق التعريب بالرباط ……..ممتحنا خارجيا …… عضوا
سعى الباحث: محمد مرشد الكميم إلى تخطيب المختارات الشعرية عموما والأندلسية منها على وجه أخص من خلال إبراز أهم العناصر المكونة لهذا الخطاب والعمل -في الآن ذاته- على تبئير الأنماط والأنساق التي أسهمت بدورها في تكوينه مكرسا جهده -في الوقت ذاته- إلى إبراز أهمية المختارات الشعرية الأندلسية عبر طرحها لحساسيات مغايرة في تلقي الشعر وإنتاجه كما أنه تتبع أهم تحولات مفاهيمه المختلفة وإبدالاته المحركة والمطورة لخطابه العام مع طرح أهم القضايا الفكرية والثقافية التي كانت تؤرق المتخيرين ومجتمعاتهم التي ينتمون إليها. وقد حاول الباحث توظيف إجراءات منهجية تمكنه من مقاربة عوالم المختارات الأندلسية مراعيا -في ذلك- الزمان والمكان والسيرورة والصيرورة والتشاكل والتباين مزمعا الخطى صوب اختيار ثلاثة نماذج نوردها حسب تدرجها الزمني في الآتي:
المطرب من أشعار أهل المغرب لعمـــــــــر بن دöحــــــــــــــــية الكلبي (544-633 هـ).
عنـــــوان المـرقصــــات والمطــربات لـعــــلي بن سـعـــــــيد المــغــــــــــربي (610-685 هـ).
الســــحـــــــــــــــر والشــــعــــــــــــر للســان الــدين بن الخـــــطــيب (713-776 هـ).
وهي نماذج تأتي بعد القرن الخامس الهجري أي أن الباحث حرص على تخير ما يعبر عن الحساسية الأندلسية بعد تشكل هويتها الخالصة واكتمال شخصية الأندلسي بها وفوق ذلك حرص على أن تكون أزمانها متوالية ومتسلسلة ومواكبة لأحداث كبيرة مثلت انعطافة نوعية في تاريخ الأندلس والمغرب.
وهذا التسلسل الزمني بما يحمله من تغيرات تاريخية لم يكن المعطى الوحيد الذي فرض على الباحث اختيار النماذج الثلاثة بل هناك شرط التنوع الكبير في المتعاليات النصية وفي العتبات بالذات لأنها تعد المسهم الرئيس في تشكيل خطابها وفي توسيع آليات اشتغالها والاشتغال عليها. وهذا ما جعل الباحث حينئذ يلجأ إلى التفريق بين “الخطاب/Discours” وبين “تحليل الخطاب/Analyse du discours” الذي يتخذ من الخطابات موضوعا له وإلى التفريق أيضا بين تجسد “المتعاليات النصية” في الخطابات والنصوص وبينها كإجراء مقارباتي. وبالرغم من وجود هذه الفوارق فقد حاول الباحث الجمع بين هذه الدلالات في العلامات اللغوية المختارة في العنوان لتجنب طوله وللدلالة على الموضوع والإجراء التحليلي في الآن نفسه منطلقا من رؤى من يقول بإمكانية إحالة كل منهما على دلالتيه. وهذا ما يؤكد بدوره على حرص الباحث وجديته في ضبط المصطلحات النقدية فقد تتبع ذاكرة المصطلحات وعمل على الحفر في منابتها الأصلية عبر الوقوف على مرجعياتها المعرفية واختبار كفاءتها العلمية وأجهزتها المفاهيمية وآليتها التحليلية. كل هذا ومثله معه بقصد الوصول إلى وضوح يمكن الباحث من فهمها وتفهيمها وتوصيل معناها للمخاطبين بها والمشتغلين عليها. ويلاحظ القارئ مدى وفاء الباحث لما قام به وقدمه جيرار جينيت إذ يرى أن منهجية مقاربته تنطلق من العام (معمارية النص) إلى الخاص (بقية المتعاليات) ومن المجرد والمتعالي على النصوص المختارة (المعمارية) إلى المحيط بها والمستقل عنها (العتبات) وصولا إذذاك إلى تشخيص دقيق لتعالق النصوص المختارة بغيرها و الكشف عن كيفيات التعالق التي تم تشغيلها في المختارات المقاربة ومدى انسجام (بقية المتعاليات) وتسيد الأنساق المتنوعة والجديدة على خطاب المختارات الشعرية الأندلسية.
تناول الباحث في الفصل الأول معمارية خطاب المختارات الشعرية وعمل على توزيعه في ثلاثة مباحث وتركيب منهجي. وقد قارب في المبحث الأول كيف