ثقافة التبرير

أحمد مهدي سالم

 - 
نعيش في زمن مختلف متوج بأخطر الشعارات وأفتك المقولات نحن في لحظة تحدي المصائد ووقت استرداد الحقوق وانتزاع الاستحقاقات المغيبة ومطالبات بحزمة محاكمات وإقصاءات وتهميشات يبدو المشهد وكأن الشعب يثور على نفسه أو شرائح منه تنتفض غضبا وتهديدا وإيذاء على شرائح أخرى في إطار النسيج المجتمعي ذاته أشي
أحمد مهدي سالم –

نعيش في زمن مختلف متوج بأخطر الشعارات وأفتك المقولات نحن في لحظة تحدي المصائد ووقت استرداد الحقوق وانتزاع الاستحقاقات المغيبة ومطالبات بحزمة محاكمات وإقصاءات وتهميشات يبدو المشهد وكأن الشعب يثور على نفسه أو شرائح منه تنتفض غضبا وتهديدا وإيذاء على شرائح أخرى في إطار النسيج المجتمعي ذاته أشياء مختلطة ومحتقنة يصعب الزعم بصحتها كلها ارتفعت من القاع وطلعت متسللة من بين تشققات سطح الوعي العام ظاهرة اسمها ثقافة التبرير السائدة في مواكب التغيير متعاطفة ومتداخلة مع هيجات التثوير.
أفكارها سامة ودخيلة وتتلخص في توفيرها غطاء أو أكثر من غطاء للانتهاكات المشينة فتنتشر في أفق مسارح الجرائم سحب تضليل ووسائل شرعنة للعمليات الإجرامية ولتقريب الصورة أكثر يحصل هجوم لبعض الشباب على مكتب التربية أو الصحة أو بريد وتسرق أشياء ومحتويات ثمينة نقدية وعينية وفي الشارع وداخل الملتقيات الوضع استهجان هذا العمل التخريبي باعتباره اعتداء على مكاتب حكومية وخدمية هي ملك الشعب غير أن المنطق يغيب حينما نسمع البعض المكلف بالمهمة يستشيط غضبا ويحتقر الرأي المتزن غير المتحيز ويبرر لتلك الأفعال الشنيعة على شاكلة: عندهم حق شباب بلا عمل والحكومة ما شغلتهم وغيرها من هذه التبريرات الساذجة التي هي ليست عفوية وإنما مبرمجة بقدرات مهارية بارعة مرت على الكثيرين وقتها بما فيهم مثقفون ومتعلمون.
وأعيدكم إلى ما قبل عامين أو ثلاثة لنتذكر حوادث تحولت إلى ظاهرة مستفحلة وهي سرقة السيارات الحكومية حتى بوابير النظافة ظهرت بفترة متزامنة في أربع محافظات عدن لحج أبين شبوة وعممت ثقافة التبرير ضرورة سرقة أية سيارات حكومية حتى الشيولات الغرافات وفتاوى بسرقة الدولة حلال حتى أن كثيرا من المدن لم تعد ترى فيها مركبات حكومية وإن مر بعضها مصادفة.. يكون معها حراس (بودي جارد).. يا أخي هؤلاء السرق مساكين والحكومة فاسدة وعندهم عائلات بالله كيف سيطعمونها¿ يا إلهي كلام ناعم حلو لكنه كاذب وموجه بالريموت والطريف ما حصل في إحدى المدن الكبيرة حيث تمت سرقة السيارات وأثاث كل المكاتب ما عاد بقي شيء طيب الشباب تعودوا على فلوس وقات مطول وغداء مندي ماذا يعملون¿! أخيرا وجدوها بدأوا يسرقون سيارات المواطنين ويبيعونها في اليوم نفسه.
حصل هنا تطور مثير وطريف أن سيارتين جديدتين مسروقتين كانتا تابعتين لبعض المشجعين على السرقات فأسقط في أيدي الجميع وجرت مراجعة وكم مرات حصلت اصطدامات بين المدافعين عن الحق العام والخاص وبين أنصار ثقافة التبرير وغالبا الصوت المرتفع يدل على ضعف حجة صاحبه.. يلجأ إلى تغطية عورته وسفاهة رأيه بافتعال ضجيج وضوضاء لذلك عديدون من الشرفاء آثروا السلامة مع علو مؤقت للزبد وانزووا جانبا وبقي قليلون يقارعون ويتحملون التهديدات بالتصفيات والاتهامات السخيفة غير أن الحق ينتصر ويطفو على ماء الباطل.. وكم ذا بأبين من بواطل ودماء ودموع هواطل وكثرة من النساء البواكي الثواكل وحال كله كسل وتواكل طبعا مش توكل كرمان.
والله إنه شيء جارح للنفس والضمير ما نسمعه من رجال ثقافة التبرير خذ هذا المثال الثالث في إحدى نقاط أبين في رمضان ارتفع أذان المغرب فتجمعوا يفطرون في اللحظة ذاتها اقتربت منهم سيارة وترجل مسلحون وقال لهم الجنود تفضلوا طبعا وهم في السيارة فنزلوا ورشوهم وقتلوهم جميعا.. جريمة تقشعر لهولها الأبدان.. وتنكرها كل الأديان. ولك أن تتخيل بعض دعاة التضليل التبريري ينتشرون ويقولون: الله أكبر.. قتلهم حلال هؤلاء جنود الطاغوت جنود النظام.. إلخ.. ماذا جرى الهرم انقلب والعقول تم اختراقها وشجاعة النفس أو ما تبقى منها تم استئصالها.
المسألة واضحة.. تحويلات سريعة مغرية وشحن فوري: الله أكبر عليكم أنتم وقيادات وكوادر المؤتمر الفاشلة الفاسدة.
ثقافة التبرير تتوازى وتتناغم مع أعمال الإجرام وقد نسبقها بمسافة.. لتعبيد الطريق وتهىئة الأذهان لقبول ما يحدث بعد يومين أو ثلاثة على أساس أنه إفراز طبيعي لسياسة النظام أو الحكومة أو كليهما..
إلى أن تفاقمت الأحداث بحراك ساخن مسلح في صنعاء وبعض المحافظات حتى أوصل الاحتقان إلى المبادرة كحل وسط أو بارقة إنقاذ وفي أثناء التنفيذ ما تزال جراحات هنا أو اعتمالات هناك فرسان ثقافة التبرير رفعوا في البداية شعارات ناعة ومطالبة مشروعة هذا في الظاهر لكن وراء الأكمة وتحتها وداخلهاحقن سامة لم

قد يعجبك ايضا