رؤية الشباب لجذور القضية الجنوبية



قدمت عدد من المكونات السياسية رؤاهم لجذور القضية الجنوبية وعرضت كلا من رؤية منظمات المجتمع المدني قدمها إبراهيم مالك شجاع الدين ورؤية الشباب لجذور القضية قرأتها نادية عبدالله فيما قدم أحمد المعمري رؤية المجلس الوطني لقوى الثورة.

جذور القضية الجنوبية:
عند تناول ظواهر وقضايا سياسية ذات خلفيات اجتماعية وجهوية مثل القضية الجنوبية – وإن كان مضمون هذا المفهوم لم يتبلور بعد بشكل موحد لدى كل المتعاملين معه والقائلين به- لا بد علينا من العودة إلى الخلف عدة سنوات لمحاولة تلمس الأسباب الحقيقية لمظاهر الغضب والاحتجاجات وتقدير مدى جذريتها وآفاق مستقبلها بموضوعية وتجرد حتى لا نقفز على حقائق التاريخ ونقرأها في وضعها السياسي التاريخي في الجنوب منذ يوم الاستقلال 30 من نوفمبر 1967م وعدم تعسف تلك الحقائق أو تجاهلها وعودتنا إلى ذلك التاريخ المبكر ليس مقطوع الصلة بـمشاريع سياسية حاضرة وبقوة اليوم في الشارع الجنوبي والحراك الجنوبي ولها اطروحاتها السياسية.
إن الحديث عن جذور القضية الجنوبية لا يعني بحال من الأحوال إدانة طرف سياسي أو اجتماعي أو محاكمة هذه الفترة التاريخية أو تلك ولكن يجب أن نبحث عن تلك الجذور بـهدف فهم صحيح للقضية الجنوبية يعترف بوجود أزمة حقيقية منذ عام 1967م.
وإن القضية الجنوبية ناتجة عن دورات الصراع السياسي والاقصاء والتهميش التي أفرزتها تلك الفترة وألقت بـظلالها – كما هو معلوم – على أزمة الوحدة 22 مايو 1990م ثم مرورا بحرب صيف 1994م وما لحقها من آثار كارثية.
إن القضية الجنوبية المطروحة اليوم على طاولة الحوار الوطني تعد قضية وطنية سياسية حقوقية بامتياز قضية وطن وإنسان بل هي قضية الإنسان قبل البنيان قضية بناء الدولة المدنية الوطنية الحديثة دولة المواطنة والشراكة الحقيقية التي تأخذ بالاعتبار الخصوصيات التي يتمتع بها ابناء الوطن جميعا هذه القضية التي برزت منذ قيام أول كيان سياسي لجنوب اليمن مرورا بالأحداث التي تلت من 1969م و 1978م و 1986م وحتى 1990م وانتهاء بــ1994م وما بعدها …
 ثم برزت القضية الجنوبية بسبب عدم وضوح الأسس التي قام عليها النظام السياسي لدولة الوحدة الاندماجية عام 1990م وما رافقها من تقاسم شريكي الحكم واستئثار قلة من المتنفذين على السلطة والثروة بسبب إعلان الوحدة التي جرى سلقها على عجل دون مراعاة الشروط الموضوعية والضمانات الحقيقية لنجاحها واستمرارها دون رؤية استراتيجية لبناء دولة الشراكة الوطنية بقواعد دستورية وقانونية وثبت ذلك في انتخابات عام 1993م حيث كان التقسيم الانتخابي للدوائر الانتخابية لا يلبي الشراكة بين الجنوب والشمال فقد اعتمد على الجانب السكاني وليس على الجانب الجغرافي . وتخللت الفترة ما بين 90- 94 سلسلة من الاغتيالات البشعة لكوادر شريك الحكم والوحدة.
 وباندلاع حرب صيف 1994م هذه الحرب التي المنتصر فيها مهزوم وما ترتب عليها من آثار حولت الوحدة من الشراكة الى حكم الفرد فألغى مجلس الرئاسة بعد الحرب وغير وعدل الدستور كثيرا تلك التعديلات التي جسدت سلطة الفرد الديكتاتورية واصبحت الوحدة تعميما لنظام الجمهورية العربية اليمنية بعيدا عن الجمهورية اليمنية الوليدة حتى رأينا فرض نظام المشايخ على مدينة عدن المدينة التي لا تعرف سلطة المشايخ …
 إن الوحدة بعد حرب 1994م تحولت عند العديد من ابناء المحافظات الجنوبية الى وحدة ضم وإلحاق وهدم للمؤسسات الناجحة في الدولة التي كانت قائمة في الشطر الجنوبي ونهبا لثرواته وتسريحا لأبنائه من المؤسسة المدنية والعسكرية.
 لقد كان واضحا منذ البدء أن السلطة التي اعتبرت نفسها طرفا منتصرا في الحرب لم تكن تفكر في إقصاء طرف معين واحد فقط بل هذا الإقصاء لم يكن الا خطوة على طريق التخلص من بقية القوى السياسية المشاركة معها في حرب صيف 94 وبالتالي التفرد بالسلطة وتكريس سلطة قمعية جهوية وعائلية وإن تلبست بالرداء الديمقراطي الزائف وأكثرت الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. وكانت المحافظات الجنوبية ساحة الحرب المدمرة وضحيتها الرئيسية وإن كانت آثار الحرب قد امتدت فيما بعد لتشمل أفقيا كافة مناطق اليمن ورأسيا كل المجالات والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.
 كل ذلك صحيح وصحيح ايضا أن حرب 1994م مثلت كارثة وطنية على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلى العلاقات الوطنية في اليمن بشكل عام بما ترتب عليها من نتائج وما نجم عنها من آثار اقتصادية وسياسية وثقافية ونفسية لكنها أيضا كانت نتيجة لأسباب ارتبطت بالطريقة التي تم بها توحيد شطري اليمن عام 1990م وشكلت احد أبرز عوامل الضعف الذي اتسم بها النظام السياسي في اليمن بعد الوحدة فالقادة اليمنيون لم يكونوا بذلك المستوى من الإيمان والقناعة بالخضوع لنظام ديمقراطي تعددي سليم كما أن النظامان الشطريان

قد يعجبك ايضا