في مستويات الهوية..
عبدالله السالمي
عبدالله السالمي –
دعونا نتفق قبل أي شيء على أن محدöدات الهوية الكلية الناظمة لوجود عدد من الهويات الجزئية ليست بالضرورة نهائية إلا في المستوى أو السياق الذي يشار إليها فيه فحسب إذ ما هي هوية كلية في مستوى أو سياق هي هوية جزئية في مستوى أو سياق آخر.
ومدار اتخاذö عدد من الهويات عنوان جامع لها لا يتوقف فقط على وجود المشترك بينها – مع مراعاة أن المشترك قد يكون في الوجودين المجرد والمحسوس ضارب الجذور بذات القدر الذي قد يكون فيهما طارئا – وإنما يتوقف أيضا وهو الأهم على نوعية المشترك وموقعه في كل واحدة من الهويات الجزئية على حدة ومن ثم ما يعود به على الهويات الجزئية انتظامها في هوية كلية جامعة.
ربما بالمثال يتضح المقال.. فإذا جاز لنا تشبيه الهويات الجزئية بالألوان التي تنطوي عليها لوحة فنية فإن هذه الأخيرة في شكلها النهائي بمثابة هوية جامعة لكل ما فيها أما إذا قيست اللوحة الفنية إلى مجموع لوحات معرض هي إحدى لوحاته فإن المعرض هو الذي يعبöر عن الهوية الجامعة بينما اللوحة هوية جزئية فيه.
ثم إن تنويعات ثنائية الهوية الجزئية والهوية الكلية في مثال اللوحة الفنية لا تقتصر على ما سبق من دوائر وإنما تنفتح على ما هو أبعد منها فقد تقاس لوحة معينة في المعرض – إما بسبب ما تعبöر عنه أو المدرسة الفنية التي تنتمي لها.. – إلى هوية جامعة في سياق مختلف وقد يقاس المعرض كهوية جزئية إلى هوية أكبر تأخذ شكل الهوية الفنية الكلية لمعارض تشكيلية في حقبة زمنية معينة أو موقع جغرافي معين وهكذا..
وفي نفس المثال أيضا – بغية إيضاح أن ثمة فرقا بين مشترك وآخر بالإضافة إلى محورية ما تكتسبه الجزئيات بتداعيها في الكلي على ضوء المشترك بينها – يمكن القول إنه قد لا يعني للوحة شيئا على صعيد أهميتها الذاتية أن تكون إحدى لوحات معرض فني ما بعكس ما لو كانت تنتمي إلى مدرسة فنية معينة فإن انتماءها هذا قد يعطيها هوية كبرى تستوعب هويتها الجزئية وتضيف لها معطى ذا قيمة في سياق دلالة الكل على أجزائه التي يتكون منها وإحالة الأجزاء إلى الكل الناظم لها..
أعرف أن مöثال اللوحة الفنية في ما نحن بصدده ينطوي على العديد من الثغرات إلا أن ذلك ليس مهما طالما والغاية التي سöيúق لأجلها لا تشترط فيه نسبة معينة من الدقة بقدر اشتراطها أن يؤدي إلى رسم صورة تقريبية للعلاقة الجدلية بين الهويات الجزئية والهوية الكلية.