تقريبا.. أو أبعد..
محمد المساح
محمد المساح –
عندما جاء صاحبي.. يتفقدني كما هي عادته ويسأل عن الصحة والحال.. وجد الباب مقفلا.. احتار قليلا أخرج علبة السجائر من جيبه هز الباكت في يده كانت تتقلقل داخله آخر حبة.. تناولها ولعها ومج نفثة دخان وبعمق ونفخ الدخان في الهواء.. نظر بعدها إلى الباكت الفارغ الذي رماه بجانبه قبل قليل.. وأخرج منه ذلك القرطاس الذي بلون النحاس الأصفر وعلى وجهه الأبيض خط الآتي:
«انتظرناك عند الباب مدة من الزمن.. ولم تأت كان معي أصحابك.. الذين التقيناهم في ذاك اليوم عموما عرفوا المكان وعمت مساء.. يا صديقي.. لم يضع توقيعه على الورقة ومن خطه عرفت اسم صاحبي وفي الزاوية.. بعد أن وضعت الرسالة جانبا.. اعتراني خليط من مشاعر لم استطع فرزها.. تلفت حولي وجدت المسجلة قابعة في سكون أبدي حزين.. تقريبا لا صوت ولا نأمه.. سألتها وهل عندك خبر يزيد من التأسي ويضاعفه وأنا أحملق إليها في جمادها المحايد.. دفعت يدي نحو زر تشغيل الشريط انبعثت موسيقى فلامست التأسي في داخلي ثم أعطتني شعورا بفقدان المعنى.. وأخذتني لحظة خارج الحياة.. وكأن لا زمان هناك ولا وجودا.
أخذت ذبذبات الموسيقى مجاريها إلى النفس وبتنوع النغمات.. ذهبت النفس في تلك الفراغات المهجورة وظلت العينان تمسحان جدران الغرفة العارية بنظرات زائغة.. وأنا في ذاك الحال صاحبت النفس إلى البعيد حيث لا زمان ولا مكان محددين هناك خلف المحدود الضيق.. إلى حيث تطير النفس في بعض الأحيان تتمنى وترغب في انعتاق مستحيل.
> ذلك الوصف في البداية.. كان تصورا وتخمينا..حين قابلته بعدها.. سألته عما إذا كان تخميني صحيحا.. فأجاب: ليس بالتحديد.. ولكن تقريبا.. أو أبعد!.