العمارة اليمنية فن حافظ على هويتنا

د. عبد الله الكوماني

 - الهوية تعني ثقافة الشعوب وحضارتها وهي المعبرة عن شخصية كل مجتمع وتتجلى هوية الأمة من خلال وحدة اللغة والثقافة والعقائد وتنعكس على العمارة والفنون والتراث , وتستمر
د. عبد الله الكوماني –
الهوية تعني ثقافة الشعوب وحضارتها وهي المعبرة عن شخصية كل مجتمع وتتجلى هوية الأمة من خلال وحدة اللغة والثقافة والعقائد وتنعكس على العمارة والفنون والتراث , وتستمر هوية العمارة باستمرار هوية الأمة وتتطور بتطويرها وتنهض بنهوضها وتتفكك بتفككها وبهذا المعنى فإن هوية العمارة تعني انتماء هذه العمارة إلى حضارة معينة خلفتها أمة معينة, والهوية في العمارة عرفها كثير من المهتمين بالفنون المعمارية حيث يقول عفيف بهنسي إن الهوية عملية لها أبعاد مختلفة وتتطور مع مرور الزمن وبشكل غير محسوس أو مدرك وهي إما أن تكون شخصية تخلق التنوع بين الأفراد داخل المجتمع الواحد وإما أن تكون جماعية فتخلق التنوع بين المجتمعات. وهي أيضا تعني التفرد الثقافي بكل ما يتضمنه معنى الثقافة من عادات وأنماط وسلوك وميل وقيم ونظرة إلى الكون والحياة فالهوية الثقافية للمستقرات البشرية تعرف من خلال أساليب الحياة والملبس والحلي والموسيقى والعمارة بين باقي الفنون الجميلة والحرف, وكما ذكر سيد التوني بأن الهوية المعمارية عادة ما تعبر عن الهوية القومية للشعوب وما حققته ووصلت إليه من تقدم وازدهار في شتى نواحي الحياة وهي أيضا التعبير الصادق عن شخصية الشعوب وتراثها القومي وهي أيضا حلقة الربط بين الأجيال السابقة واللاحقة ومن خلال العمارة تعبر كل حضارة عن نفسها بواسطة نتاجها المعماري والعمارة منتج ثقافي اجتماعي تتأثر وتؤثر في كيان المجتمعات التي تنشأ فيها.
وإذا كان طابع الهوية التي تعكسه العمارة يتمثل من خلال التصميم ذاته وطرق تجميع الوحدات المعمارية مع بعضها.حيث تعددت أشكال الواجهات المعمارية اليمنية تبعا لاختلاف البيئة والمناخ وطريقة المبنى وقد لعبت الزخارف دورا هاما في إبراز الهوية على تلك الواجهات المعمارية حيث جاءت معبرة عن ثقافة وحضارة تلك الممالك اليمنية في الحضارة القديمة وهي تحمل دلالات ومعاني رمزية . وقد اشتهرت بعض الآلهة التي كان لها ارتباط بالطبيعة , ومن بين تلك الآلهة القديمة الوعل حيث كان يمثل عنصر الوعل العنصر الزخرفي الأول في الآثار اليمنية القديمة وظهر على المعابد والجدران وأعتاب الأعمدة .
ومن ذلك فإن كثافة استخدام ذلك الحيوان في الزخارف في الممالك اليمنية القديمة كان رمزا للآلهة “عثتر” ولم يكن تصويره من قبل الفنان اليمني بغرض الزخرفة فقط بل تعدي ذلك للأسباب الدينية القائمة على توعية العقيدة
وبهذا يمكن القول أن تلك الزخارف هي بمثابة الهوية للعقيدة السائدة في تلك الفترات كون (الوعل هو الآلهة الوحيد الذي تمتع بالعمومية في اليمن القديم بسبب وظيفته المتعلقة بالمطر) .
وهناك بعض الأمثلة لواجهات المباني في العمارة اليمنية في الحضارات اليمنية القديمة والعصر الإسلامي وحتى نهاية القرن التاسع عشر تم إلقاء الضوء على أهميتها في إبراز الهوية المعمارية اليمنية ودور الزخارف منها والتي مازالت قائمة حتى يومنا هذا لتشير بخصوصية لهذا الوطن , ومن هنا تأتي أهمية الفنون في المحافظة على هويتنا رغم مفاهيم العولمة التي تسعى إلى طمس هوية الشعوب.

• رئيس قسم التربية الفنية -جامعة ذمار

قد يعجبك ايضا