رسائل الحسيني إلى الأبناء

{ «رسائل إلى أبنائي» هو عنوان الكتاب الجديد للأديب الأستاذ شائف علي الحسيني الذي صدر مؤخرا عن دار عبادي للنشر بصنعاء وجاء في (400) صفحة من القطع المتوسط.
ويتضمن الكتاب أكثر من (100) رسالة وجهها المؤلف إلى الأبناء والجيل الصاعد بين لهم من خلالها الكثير من القضايا والإشكاليات الاجتماعية والوطنية والإنسانية وأهمية المبادئ والمثل والقيم الأخلاقية الحميدة في حياة الإنسان وتعامله وتفاعله مع الآخرين.
وقد قدمها المؤلف بأسلوب تربوي ثقافي واجتماعي هادف يضيء للأبناء طريق حياتهم ويزودهم بتجارب وخلاصة لجوانب متعددة من مجالات الحياة ومن واقع تجربة وخبرة عاشها ومر بها ولامسها المؤلف وهي رسائل تربوية وثقافية لها أهميتها وفائدتها للأبناء وتعكس مدى حرص واهتمام المؤلف على إعطاء الأبناء ما يحتاجونه من نصح وتوجيه وإرشاد ومعرفة تعينهم على السير في دروب الحياة ومواجهة ظروفها وأحوالها وتقلباتها بوعي وإدراك ومعرفة.
وفي مستهل هذا الكتاب القيم يقول مؤلفه : «كم يبذل الإنسان من جهد في النصيحة والإرشاد ليصل بأبنائه إلى غايته وما يطمح أن يكونوا عليه من النجاح والسؤدد في ظل حياة كل شيء فيها متجدد ومتغير باستمرار وليس له حدود وبما أن التوجيه الشفهي والإلحاح المتواصل قد لا يحقق النتائج المرجوة وقد يفهم بأنه تقييد لحرية الأبناء من قبل الآباء فقد رأيت أن أفضل طريق للوصول إلى غايتي المتمثلة في مساعدة أبنائي لبناء مستقبلهم الزاهر وإرشادهم إلى سبل الطمأنينة والاستقرار في حياتهم هو أن أزجي إليهم هذه الرسائل التي تتضمن أجمل ما تختزنه الذاكرة من قراءة في الكتب وتجارب عشتها خلال فترة طويلة من حياتي مسطرة ومكتوبة أمثالا وحكما أقوالا ومعاني ليستعينوا بها في يومهم وغدهم ولن أدعي كمالها وشمولها فلا شك أن النقص يصاحبها كسائر أعمال البشر في كل زمان ومكان مهما بذل فيه من مجهود وعناية ووقت طويل وهذا هو قدري ومستطاعي حبا لأبنائي».
ويواصل المؤلف شائف الحسيني قائلا : «وما كتب وجمع هنا قد تم بتلقائية دون تصنيف لهذا الجانب أو ذاك على سبيل أن هذا اجتماعي وذاك سياسي والبعض شخصي وتربوي… إلخ فكنت عندما أجد أمرا من أمور الحياة وقضية من قضايا البلاد ذات قيمة ومعنى وله فائدة ويجول في خاطري ويكثر تردده في نفسي أسجله في أوراقي باعتبار أن العقل والوجدان والمعرفة هما معيار لتمييز صحة أفعالنا من خطأها فكان ذلك هو منهجي الذي سرت عليه واتبعته في هذا الكتاب».
ولم يكن ما قمت به من عمل على هذا النحو وليد زمن محدد وإنما هو جهد متواصل لعدة سنوات كتابة فكتابة إضافة فإضافة تصحيحا وتقويما مستمرا وهكذا إلى نهاية ما وصلت إليه كما ترونه بين أيديكم.
ويضيء المؤلف جوانب الكتابة في هذا المجال بقوله : «وفي يقيني أنني لست الوحيد الذي خاض في هذا الدرب الذي يستشعره كل أب وأم تجاه أبنائهم فقد سبقني آخرون – لا شك في ذلك ولا ريب – لكنه الشعور بالحنان الذي يلازم العقل والقلب تجاه الأبناء مهما كتب وقيل من الآخرين فلا يتردد أي أب وفي أية لحظة من عمره في أن يسدي لأبنائه ما يرى أن فيه مصلحة لهم سواء كان ذلك شفاهة أو كتابة أو إيحاء أو غيرها من الوسائل التي توصلهم إلى ما يهدف إليه وما ينبغي أن يكونوا عليه وهذه سنة من سنن الله في الخلق منذ الأزل حنان الآباء على أبنائهم والاستفادة من تجارب السابقين لتكون عبرا للأجيال اللاحقة وهكذا إلى أن يرث الله الأرض ومنú عليها».
أما ما يرجوه المؤلف من الأبناء فيوضحه قائلا : «وكل ما أرجوه من أبنائي وأحبابي أن يتمعنوا في قراءة ما كتب والذي كنت فيه مخلصا وصادقا ومحبا آملا أن يحللوا ما وضع في هذه الصفحات المختصرة والمحدودة وأن يستحضروه في عقولهم وقلوبهم في كل منعطف يواجههم في مسيرة حياتهم بل أن يضيفوا إليه من تجاربهم ويتجاوزوا ما يرون أنه غير ضروري لحاضرهم ولمستقبلهم وألا يجعلوه غايتهم فحسب فهو قد يكون ليس كافيا ولا كاملا ليغنيهم ويسد حاجتهم في كل ما يشكل عليهم في واقع الحياة المعاصرة المضطربة والمعقدة فعالم اليوم هو غيره في الأمس بمختلف صوره وأشكاله إنه عالم آخر مليء بالأحداث والمفاجآت المتنوعة والمتعددة التي لم تكن موجودة في السابق ولم تخطر على بال أحد منا الآن سواء كان ذلك خيرا أم شرا».
ويشير المؤلف إلى أن الحياة هي المدرسة الأولى والجامعة الكبرى التي نتعلم منها المعارف والعلوم والخبرة لتحقيق آمالنا وتطلعاتنا وما نريد أن نكون عليه وهي كذلك مدرسة لاجتناب النكبات والمحن والآلام التي تواجهنا في حلنا وترحالنا كل يوم بل كل ساعة وحين كما أنها مختبر أصيل لصحة أفعالنا أو أقوالنا فهي مصادر معرفتنا على الدوام حتى النهاية.
