دعـــوة لإنصــــاف رواد التعــليـــم فـي بــــلادنا
عبدالقادر سعيد بصعر
عبدالقادر سعيد بصعر –
رغم التطورات التي يشهدها عالم اليوم وثورة المعلومات وولوج عصر الكمبيوتر والانترنت ستظل للمعلم مكانته المتفردة والمتميزة في أي نظام تربوي أو تعليمي في كل دول العالم ومن بين الدول التي عززت من مكانته الاجتماعية اليابان التي صار فيها المعلم إنسانا يشار إليه بالبنان وحظى في المجتمع بالمكانة السامية والرفيعة ونال المزايا والاستحقاقات التي ينالها كبار رجال الدولة.
> في محافظة حضرموت في فترة ما قبل الاستقلال كان قطاع المعلمين يحظى بمكانة اجتماعية لائقة وينظر إليه من قبل فئات المجتمع وشرائحه المختلفة نظرة إعجاب وتقدير أما عند الطلاب فقد كان يمثل القدوة والمثال ويحظى بالتبجيل والتقدير والاحترام كان المعلم يؤمن إيمانا عميقا برسالة التدريس فمعظم أوقاته كان يقضيها داخل المدرسة فترة الصباح يؤدي عمله بكل تفان واخلاص وفي فترة العصر يشرف على نشاطات الجمعيات المدرسية ويوجه ويرشد الطلاب في ممارسة الأنشطة اللا صفية والإبداعية.
وفي المساء يكون تواجد المعلمين شبه دائم للإشراف على المذاكرة المسائية وإعطاء دروس وحصص التقوية في بعض المواد الدراسية التي يعاني منها بعض الطلاب ضعفا كاللغة الانجليزية والرياضيات وكان المعلمون لا يتبرمون من العائد المالي الضئيل لهذه المهنة لقناعتهم بأنهم يؤدون رسالة سامية في تربية وتنشئة الأجيال وقد عبر عن ذلك الأستاذ المؤرخ والتربوي القدير الشيخ سعيد عوض باوزير طيب الله ثراه الذي عمل فترة من الزمن معلما وأسهم في تربية الأجيال قدم هذا المونولوج ضمن نشاطات المدرسة الوسطى بالغيل نورد هذين البيتين:
أنعم وأكرم بالتدريس
هذا عمل وطني ونفيس
لكن ما فيش منه فلوس
ما فيش والله ما فيش
وجاء حين من الدهر هبطت فيه المكانة الاجتماعية للمعلم وتعرض المعلمون لعدد من المثبطات والإحباطات وساء حال المناهج التي تعرضت للتحوير والتبديل والتشويه وولج إلى هذه المهنة أعداد ممن يفتقرون إلى أبسط مقومات أدائها واعتبروها حرفة للامتهان والارتزاق وحرفة من لا حرفة له ولم يدر في خلدهم أنها رسالة بل اقتضت الظروف والمتغيرات حينها أعداد من الراسبين في امتحانات الثانوية العامة بعد أن سدت أبواب التوظيف على المتفوقين والناجحين ليواصلون دراساتهم الجامعية في كليات جامعة عدن أو الابتعاث في الخارج رغم رغبة البعض منهم في الانخراط والعمل في مهنة التدريس.
وشهدت فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي عزوفا عن العمل في هذه المهنة وانتقال أعداد من المعلمين الجادين ذوي الكفاءة والاقتدار والتفرغ للعمل في عدد من مؤسسات الدولة والمنظمات الحزبية والجماهيرية والتعاونيات ليسهموا في تحسين مستواهم المعيشي بما يحصلون عليه من هذه المؤسسات من أجور ومكافآت ومزايا وراتبهم حق التدريس مضمون ومن بين الإنجازات التي تحققت للمعلمين وأسهم في التحسن النسبي لمستوى معيشتهم إقرار مجلس النواب لقانون المعلم والمهن التعليمية عام 1998م وهو مكسب تحقق للمعلمين إلا أن العديد من المزايا الأخرى لم تحقق على صعيد الواقع ولم يلمس ثمارها المعلم منها العلاج للمعلمين وفق شروط ومواصفات معينة والتي يحصل عليها عدد من العاملين في قطاع الدولة ومؤسساتها الأخرى وتطبيق نظام التأمين الصحي على المعلمين مثلما هو سائد في عدد من البلدان الأخرى.
هناك قضية من وجهة نظري هامة تتمثل في متابعة الجوانب الحقوقية للمعلم حسب النظم والتشريعات والقوانين النافذة ولذا أصبح من الضرورة بمكان توحيد العمل النقابي لهذه الشريحة وانقاذها من التشرذم والتمزق الذي يعيشه قطاع حيث تتجاذبه وتتنازعه ثلاث نقابات وهي المهن والمعلمين والتربوي.. هذا التشتت يضعف ويبهت مكانة هذا القطاع وتتعرض كثير من حقوق العاملين التي كفلتها القوانين والتشريعات النافذة إلى المماطلة والتسويف أما أن لهذا القطاع أن يتوحد في إطار نقابي قوي وفاعل حيث إنه لا توجد أية مبررات مقنعة تجعل من هذا الوضع الشاذ أن يستمر طويلا.
وهناك قضية أساسية ومحورية ترتبط ارتباطا رئيسيا بشريحة هامة من المعلمين الذين اسهموا في إرساء أسس ومداميك النظام التعليمي الحديث وهم من رواد التعليم الذين التحقوا بهذا العمل الإنساني منذ الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي عملوا بكل تفان وإخلاص ونكران ذات وحفروا في الصخر وأوصلوا التعليم إلى العديد من المناطق الصعبة والنائية قطعوا المسافات الطويلة سيرا على الأقدام وتشققت أرجلهم وتورمت أقدامهم استخدموا الجمال والبغال والحمير في نقل مؤنهم وما يحتاجون إليه في عدة السفر والترحال من أجل غاية سامية ونبيلة وهي نشر نور العلم والمعرفة والقضاء على الجهل والظلام في هذه المناطق النائية عملوا في ظروف أقل ما توصف به أنها صعبة وقاسية.
كانوا في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي يعيشون في رغد من العيش كا
