الروضة.. مدينة العلماء والأدباء ومدرسة الفن الغنائي الصنعاني

محمد محمد العرشي

 - إن بيئتنا الجميلة المعمارية والأدبية والأخلاقية والزراعية والعلمية التي حافظ عليها أباءوناعبر مئات السنين والتي كنا نفاخر بها العالم والآن تكاد أن تسمى اليمن بالغبراء لا بالخضراء فقد اتسمت تصرفاتنا في مجتمعنا بالرعونة والطيش
محمد محمد العرشي –

إن بيئتنا الجميلة المعمارية والأدبية والأخلاقية والزراعية والعلمية التي حافظ عليها أباءوناعبر مئات السنين والتي كنا نفاخر بها العالم والآن تكاد أن تسمى اليمن بالغبراء لا بالخضراء فقد اتسمت تصرفاتنا في مجتمعنا بالرعونة والطيش حتى أن القرية الواحدة تكاد تنقسم إلى عدة أحزاب (كل حزب بما لديهم فرحون) وتكاد الوحدة اليمنية أن تصبح نقمة علينا لا نعمة لنا فها نحن نعود إلى النعرات الجاهلية التي جاء الإسلام ليقضي عليها وإذا بالحقد على بعضنا البعض يعيش ويرقص فرحا في صدورنا وكل ذلك لأننا اعتقدنا أن الإصلاح السياسي هو الحل في تقدمنا وفي صلاحنا وتركنا الإصلاح الاجتماعي الذي من خلاله سيتم الإصلاح السياسي وقد انخدعنا بالإعلام الغربي الذي ركز على استراتيجية شق الصف في أمتنا في كل الشعوب العربية والإسلامية وإذا هو يسوق الفوضى في شعوبنا تحت مسمى الربيع العربي لأن مراكز البحوث والدراسات في عموم الدول الغربية بما فيها أمريكا متأكدة من أن العرب لا يقرأون وإذا قرأوا لا يفكرون وإذا فهموا وجدوا من بينهم من يثبطهم عن توعية شعوبهم.

الروضة الغناء
الروضة الغناء: منتزه صنعاء في موسم الأعناب تقع شمالها على بعد 9كم كانت قرية صغيرة تعرف بـ(المنظر) حتى اختطها مدينة وسكنها السلطان حاتم بن أحمد اليامي (556هـ/1173م تقريبا) وسميت روضة حاتم نسبة إليه وقد اشتهرت الروضة بحدائق العنب الذي لا يفوقه غيره واتخذ منها كثير من مشاهير وأعيان صنعاء مقرا وسكنا وفيها نحو عشرين مسجدا وبعد الزحف العمراني للعاصمة صنعاء أصبحت جزءا من أمانة العاصمة. ومن أهم معالمها الجامع الكبير وهو الجامع التاريخي الذي بناه أحمد بن الإمام القاسم ين محمد عام (1066هـ/1656م تقريبا) ويقع هذا الجامع في وسط مدينة الروضة وقد بدأ بنايته سنة 1044هـ والانتهاء منه 1049هـ .
وزار المرحوم الأستاذ/ صالح محمد عباس العاصمة صنعاء في عام 1373هـ وكان الوقت حينئذ موافقا لفصل الخريف فاستضافه القاضي/ أحمد محمد مداعس – أطال الله عمره – في منزله بالروضة للاجتماع به والمجابرة معه فلما رأى الأستاذ/ صالح محمد عباس أشجار الكرم أثناء تجوله مع الأخ/أحمد محمد مداعس وبعض الأخوان في حديقة القاضي أحمد مداعس راعه ما شاهد من مناظر طبيعية خلابة وجمال فاتن في مناخ الروضة وحدائقها وهز وجدانه صوت هزار كان يردد ألحانه الشجية على أحد الأغصان في بعض أشجار الحديقة فقال على الفور:
هنا الروضة الغناء أما هزارها
فشاد وأما كرمها فلذيذ
فقال السيد الأديب عبد الله بن علي الشرفي – أطال الله عمره – والذي كان موجود معهم:
تميد بها الأغصان نشوى كأنما
تسرب في أعطافهن نبيذ
فقال القاضي أحمد مداعس:
شجاني فوق الدوح شدو هزارها
فصـرت بها كالمستهام ألوذ
ثم عقب على ذلك العالم والمجتهد القاضي محمد إسماعيل العمراني بقوله: ثم حرر القاضي أحمد مداعس العبارة التالية: لقد سبقني الزميلان الأديبان الشرفي وصالح محمد إلى اقتناص المعاني البكر الرائعة ولم يبúق لي إلا حثالة من الألفاظ اضطررت إلى أن أحشرها في البيت الأخير مسلما أمري إلى الله أما السيد عبد الله الشرفي فلقد أجاد وأبدع بذلك التصوير البارع الأمر الذي جعلنا نترنح طربا لهذا البيت ونصفق له إعجابا ونردده بين آونة وأخرى ولا غرو فالسيد عبد الله يتمتع بقريحة خصبة وعبقرية نادرة احتل فيها مكانة مرموقة بين أخوانه وكل عارفي نبله وأدبه. ومن هنا نستطيع ان نؤكد أن القاضي محمد إسماعيل العمراني– أطال الله عمره –أديبا ومتذوقا للأدب.
ومن اللقاءات الأدبية التي كانت تتم في منزل القاضي أحمد محمد مداعس والتي كان ينتج عنها العديد من الخواطر أو الرسائل الأدبية والشعرية بين القاضي وبين أصدقائه الأدباء والشعراء هذه القصيدة التي كتبها القاضي أحمد مداعس ردا على قصيدة للشاعر الشعبي المرحوم حسين صالح العلفي– والذي كان من أشهر الشعراء الشعبيين مع زمليه المرحوم الشاعر الشعبي محمد الذهباني والد الأستاذ الأديب أحمد محمد الذهباني في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين–والتي نورد منها هذه الأبيات:
يا بـلبلا ظـل يشدو
عـلـى الـغصـون الـموايس
وشاعر الـروض حـقـا
وزين كـل المـجـالس
أهديـت نظـمـا بديعـا
يـزري بأغلـى الـنـف

قد يعجبك ايضا