قراءة في تفاصيل مدينة!
استطلاععبد الناصر الهلالي

استطلاع/عبد الناصر الهلالي –
انتهت الرحلة في الحصن.. لابد من الهبوط ببطء إلى الأسفل..عند البوابة التي تركناها قبل ساعتين كانت تقف الطفلة (منى)’فيما العمال الذين يصعدون ’ويهبطون من والى الحصن.. لا يتوقفون..إنهم ينقلون مواد البناء بغرض الترميم الذي يجري في أعلى الحصن..هنا يتوقف أحدهم للراحة لثوان’وهناك يبحث آخر عن الماء ليروي عطشه..ونحن نبحث عن بغيتنا في ثنايا المدينة التي تبدو صباحا كأجمل امرأة على نافذة القصر.
تعيش المدينة الواقعة في إطار محافظة عمران (45)كم إلى الشمال من العاصمة صنعاء حالة من الهدوء’والنظافة التي لم نجدها في أية مدينة يمنية عصرية..الزملاء الذين شاهدوا الصور في الإخراج استغربوا أن يكون في اليمن مدينة بذلك البهاء والنظارة التي تفتقدها مدننا اليمنية..بإمكاني أن أسميها المدينة الفاضلة من حيث الشكل’ولا أستطيع أن أتخيلها بغير ذلك..كل ذلك الجمال لا يمكننا أن نصفه بشيء آخر.
المدينة التي وصفت ببندقية اليمن.. الجمال وحده يتحدث عنها
الطفلة منى تصر على مرافقتنا لكي نعرف من المدينة ما خفى عنا ’وعن الكثيرين..في بوابة المحاميد التي دخلنا منها.. يقف إلى الخلف فندق (السلام)’والى يسار الفندق مكتب الآثار المغلق..المكتب لم يعد يفتح منذ أن عزف السياح عن المدينة..ضربات القاعدة المتكررة في الآونة الأخيرة حالت دون مجيء السياح مجددا إلى هذا المعلم الشاهق’والمدينة النائمة على ركام الأثر التاريخي..في هذه الساحة المتسعة جرت أحداث مسلسل حارة (دبش)’هكذا يتحدث الأطفال والفرحة تغمر أفئدتهم’وفي هذا المنزل مثلوا الكثير من المشاهد’وفي الخلف من المنزل تقع (مقشامة) أحد المواطنين..النساء يذهبن إلى البركة الواقعة بجانب قبة الهادي للاستزادة بالماء…يعلو البركة منزل الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي.
هذا المنزل تحول إلى مستوصف أثناء وجود الرئيس الحمدي..العجز في توفير المستوصف جعله يحول المنزل إلى مشفى لعلاج أبناء المدينة..المنزل اليوم لا يوجد به أحدا حسب الطفلة منى.
وقالت شقيقة الرئيس الحمدي لإحدى القنوات الفضائية: إن الحمدي حاول إقناع إخوته أن يحول منزل الأب إلى مستوصف لعلاج المرضى في المدينة’ووافق أخوانه على ذلك …علما أنه لم يكن يمتلك منزلا غيره’ إلا مؤخرا.. امتلك بيتا بطرف المدينة الجنوبي تلفه عدد من أشجار الكافور’وهو الآخر مغلق..الرئيس الحمدي ليس من مدينة ثلا’بل من منطقة(حمدة) في محافظة عمران’ لكن أبيه سكن فيها.
اكبر بركة في المدينة ’ومنزل الحمدي’وبوابة الهادي ومسجده تقع جميعها في الجهة الجنوبية من المدينة’وكان قد بني المسجد في العام(809)هجرية’وما يزال يحتفظ بكامل تفاصيله القديمة حتى اليوم’إذ تعلوه قبة المهدي وهي من أبرز معالم المدينة’وفي مدخل المسجد غرف صغيرة متلاصقة ببعض.. يقول السكان هناك أنها كانت حمامات ’ويأتي إليها الماء من البركة الملاصقة للمسجد’وعندما يمتلئ الحوض الواقع أسفل تلك الأماكن المخصصة للوضوء يفتح منفذا منه لينزل الماء إلى (المقشامة) المحاذية للمسجد من الأسفل.
وتشير المصادر إلى أن المدينة تزخر ب(25)مسجدا ’وهذا ما يبرر الاهتمام الحاصل اليوم بحفظ كتاب القرآن الكريم من قبل الكبار’والصغار..أكبر تلك المساجد الجامع الكبير الذي تعلوه أكبر منارة في المدينة’وتقول المصادر التاريخية إن هذا المسجد من البداية الأولى للعصر الإسلامي’ويعتقد خالد الزهيري مسئول الحصن أن المدينة القديمة المدفونة قد تكون متسعة’ويقول أحد المشرفين على أعمال الترميم التابعين للصندوق الاجتماعي للتنمية قد يكون تحت المنازل المحاذية لعمليات التنقيب الكثير من الآثار’والجدران المدفونة.
مسجد الإمام الهادي جرت عليه ترميمات من البوابة المؤدية إلى داخله’واستحداث حمامات جديدة’فيما تركت القديمة على حالها’والى اليمين من المسجد يقع حمام بخاريا على الطراز التركي يعمل حتى اليوم ويتوسط المسجد متحف مغلق هو الآخر..لا داعي لفتحه طالما أن المدينة التي كانت تشهد حراكا سياحيا على مدار العام توقفت فجأة’ إذ كان يزورها على الأقل حسب تقديرات المواطن ضيف الله نجاد(400)سائح يوميا.
قبل الدخول إلى المسجد توجد بوابة الهادي وهي إحدى بوابات السور المؤدي إلى المدينة’إلى جانب باب المحاميد’ والمشراق’ والفرضة’ والسلام’ والمنياح’ وباب الحصن’ وهذا الأخير لم يكتشف بعد’ويعتقد انه مدفون حيث يجري التنقيب أسفل الحصن اليوم.
باب الهادي يعقبه مدرج وباحة تؤدي إلى بوابة صغيرة تأخذك إلى باحة المسجد الخارجية’أما البركة الكبيرة المزخرفة من الأعلى بشكل دائري يذهبن النسوة إليها حتى اليوم للاستفادة من المياه التي بداخلها’وقبل أن تصل المياه إلى البركة تنقى ببركة صغيرة تعد جزءا من البركة الكبيرة’ لكي يتسنى للناس اغتراف ماء نظيف ’وفي نفس الوقت لا يشكل الماء ضغطا على البركة ال
