عن أدب الرحلات

محمد راجح سعيد


 - يعد أدب الرحلات أو السفر نوع من الأدب الذي يصور فيها الكاتب أو الباحث ما جرى له من أحداث وما صادفه من أمور أثناء رحلة قام بها لإحدى الدول وتعد كتب الرحلات من أهم المصادر الجغرافية والتاريخية والاجتماعية لأن الكاتب أو الباحث يستقي الم
محمد راجح سعيد –

يعد أدب الرحلات أو السفر نوع من الأدب الذي يصور فيها الكاتب أو الباحث ما جرى له من أحداث وما صادفه من أمور أثناء رحلة قام بها لإحدى الدول وتعد كتب الرحلات من أهم المصادر الجغرافية والتاريخية والاجتماعية لأن الكاتب أو الباحث يستقي المعلومات والحقائق من المشاهد الحية أو التصوير المباشر مما يجعل قراراتها غنية وممتعة ومسلية ويمكن اعتبار عدد كبير من الروايات والقصص تندرج تحت ما يسمى أدب الرحلات وهناك كتاب وباحثون برزوا مبكرا في هذا المجال كأعمال ابن بطوطة وماركو بولو ونجيب محفوظ وادروين وارنسن همنجواي وآخرين لا يتسع المجال لذكرهم جميعا ورغم التباين بينهم إلا أن الفكرة التي تجمعهم هي فكرة الرحلة نفسها أي الرحلة المكانية أو الزمانية أو النفسية.
فماذا عن أدب الرحلات على مستوى العرب والمسلمين¿
لقد عرف العرب والمسلمون منذ القدم أدب الرحلات وكانت عنايتهم به عظيمة في سائر العصور رغم قلة الإمكانيات في تلك الفترة ولكنه حب العمل والتفاني والإخلاص. ولعل أقدم النماذج في هذا الخصوص رحلة السيرافي بحرا إلى المحيط الهندي في القرن الثالث الهجري ورحلة سلام الترجمان إلى حصون جبال القوقاز عام 227هـ بتكليف من الخليفة العباسي وذلك لغرض البحث عن سد ماجوج وياجوج ثم تأتي بعد ذلك كل من المسعودي مؤلف مروج الذهب والمقدسي صاحب أحسن التقاسيم من معرفة الأقاليم والإدريسي الأندلسي في نزهة المشتاق في اختراق الآفاق هذا إلى جانب رحلة المؤرخ عبداللطيف البغدادي ثم رحلة البيروني عام 440هـ المسمى تحقيق مال الهند وهي دراسة تكاد تكون أفضل من الدراسات السابقة التي قام بها الرحالة السابقون كونها تعتبر شيقة تاريخية هامة لأنها تجاوزت الدراسة الجغرافية والتاريخية إلى دراسة ثقافة مجتمعات الهند قديما.
وإذا عدنا إلى عصرنا القريب وبالتحديد في الأعوام 1923م و1927م وعام 1928م سنجد أن هناك رحالة عربا قد اهتموا بأدب الرحلات مثل أمين الريحاني وهو لبناني الجنسية حيث قام بزيارات ميدانية إلى بعض الدول العربية ومنها السعودية واليمن والكويت والبحرين وقد دون انطباعاته عن الرحلات التي قام بها في كتابه الذي سماه «ملوك العرب» وكتاب «تاريخ نجد الحديث» ثم كتاب «عام النكبات» وكان أمين الريحاني يلقب بفيلسوف الفريكة وهي موطن مولده في لبنان أما بالنسبة لليمن فتكاد تكون مثل هذه الكتابات والبحوث معدومة باستثناء الدراسة التي قام بها الأستاذ والأديب شايف الحسين عندما زار الصين قبل حوالي خمسة أعوام وألف كتاب يعد من أدب الرحلات وهو بعنوان «رحلة إلى الصين» وقد اعترف الباحث أن ما قام به ليس كل ما كان يطمح به كون الصين بلدا كبيرا مترامية الأطراف ولكنها محاولة حيث تمكن من معرفة الكثير من العادات والتقاليد وثقافة الصين العظيمة.

قد يعجبك ايضا