العظيم المبجل!

عبد الرحمن بجاش

 - تقرع أجراس الكنائس  في مدن وبلدات بلاد مانديلا, وتبتهل مساجد المسلمين في هذه اللحظة التي تتجه فيها أنظار العالم إلى جنوب أفريقيا حيث يتمدد آخر الرجال الكبار في هذا العالم الذي شهد أعظم قصص التضحية سطرها آخر العظماء نيلسون ما نديلا ليس فقط بـ 27 عاما قضاهم في السجن مبشرا بمستقبل لجنوب أفريقيا بلون
عبد الرحمن بجاش –
تقرع أجراس الكنائس في مدن وبلدات بلاد مانديلا, وتبتهل مساجد المسلمين في هذه اللحظة التي تتجه فيها أنظار العالم إلى جنوب أفريقيا حيث يتمدد آخر الرجال الكبار في هذا العالم الذي شهد أعظم قصص التضحية سطرها آخر العظماء نيلسون ما نديلا ليس فقط بـ 27 عاما قضاهم في السجن مبشرا بمستقبل لجنوب أفريقيا بلون واحد مزجه من الأبيض والأسود ليظهر إنسان تلك البلاد جديدا ناتج عملية مصالحة تاريخية قادها الرجل العظيم ليصل بمن تواجهوا طيلة أعوام إلى أن يعتذر السجان للمسجون ويبدأون رحلة بناء يعيدون فيها صياغة إنسان جنوب أفريقيا كما تخيله مانديلا في سجنه وتحمل كل العذابات من أجله سواء كان أسود أو أبيض!.
وحدهم العظماء وبقمصان عادية يصنعون الحدث العظيم ليسجل التاريخ فعلهم هم نادرون يأتون في لحظة فارقة في حياة الشعوب بدون سابق انذار يمتلكون حلما ولا يهطعون وراء المال ولا الجاه بل يجرون مسرعين وراء الهدف … وما أعظم الأهداف حين تكون لصالح أوسع الجماهير .., لم يخرج الرجل العظيم من سجنه ناقما بل كان يدرك أن الرجل الأبيض الذي يعذب السود مجرد خائف ,وليس شجاعا فسمى إلى العلى وبدأ بتطمينه أولا .. السود خلاص كانوا وسط المعمعة ولم يكونوا ليخسروا سوى قيودهم لو استمر القتل والنفي والتعذيب …. وتخيلوا بل تذكروا أن تلك الأرض تصنع من يجبرون التاريخ على صياغة العبارة بوحي من نظرة شاملة تستوعب اللحظة والماضي والقادم غاندي كان أيضا هناك وتخيل صورة الهند القادمة من كيب تاون أو جوهانسبيرج هي أرض الحالمين الذين توقفوا قليلا في طريقهم إلى العالم الجديد فقرروا البقاء لكن الضعف البشري صور لهم أن اضطهاد أصحاب الأرض الحقيقيين طريق للرخاء .. جاء مانديلا وقالها .. لا .. الطريق الصحيح أن يمتزج اللونان ويشكلان عالما آخر قائما على العدل …, خرج الرجل ليكون أول رئيس لبلاده يأتي من المعتقل إلى القصر ولم يكابر ولم يأت بالأصحاب والأحباب والبوابين وطالبي المغفرة, ولم يقل هذه بلاد لا تمتلك شروط التغيير بل لأنه حلم بوطن آخر فقد صمم على جنوب أفريقيا أخرى .. ترأسها وقادها إلى الديمقراطية بمكونيها وحين فقط لاحظ (العظيم المبجل) أن زوجته المناضلة الكبيرة تسيء إلى اسمه طلقها برغم كل ما تحملته من أجله … الوطن قبل الشخص … ذلك العظيم ابن زعيم القبيلة لم يقل أن جنوب أفريقيا (مزرعته) باعتباره ابن زعيم القبيلة وأن على الآخرين أن يخضعوا له بل هو خضع لجنوب أفريقيا فقد تتبع خطى غاندي متأثرا بنضاله السلمي الذي كان أبلغ أثر فأدى إلى استقلال الهند .., غراسا ماشيل كام لجنوب أفريقيا زوجة العظيم وكانت زوجة رفيق الدرب القديم موسيفيني في موزمبيق وتزوجها مانديلا بعد موته تحيط الرجل بحبها وتحيطهما جنوب أفريقيا البيض والسود بدعواتهما .. تخيلوا هذه اللحظة أن شعبا بأكمله يتوجه بكل إخلاص إلى عظيمه بالحب والاحترام .. الرجل الذي حرر الإنسان بمد يد العفو عند المقدرة.., ولأنه رجل الحوار والتصالح والتسامح فلماذا لا يقف مؤتمر الحوار هنا كل يوم دقيقة احترام لآخر الرجال الكبار من أوحى للعالم بالتصالح والتسامح سياسة جديدة تجعل السجان يعتذر لمسجونه .. وترتفع بالمظلوم إلى عنان السماء قادر على العفو برغم الجراح .. مانديلا وكاسترو يظلان آخر عظماء الكون.

قد يعجبك ايضا