لتجاوز العنف اللفظي وتحقيق النجاح المنشود
حسن أحمد اللوزي
حسن أحمد اللوزي –
العنف هو العنف سواء كان بالسلاح أيا كان نوعه أو الكلام أيا كانت وسيلته أو التهديد .. والإرهاب .. وهو ظاهرة شائعة في كافة الظروف والأحوال الاستثنائية في كافة المجتمعات ولا شك أن العنف اللفظي يسوق إلى ما هو أخطر سواء على الأفراد أو المجتمعات وهو لا يساعد أبدا على البناء .. والسير نحو الاستواء .. وامتلاك العافية بالنسبة للمجتمعات المعتلة.
غير أن الظاهرة الإيجابية هي في مواجهة ذلك بكل مشاعر الرفض والاستنكار وكلمات النقد الشديد التي تشهدها بلادنا تجاه كل صور العنف اللفظي الذي لا يتوقف عند حدود الادعاء والاتهام أو النكران والسباب والقذف أو المغالاة عموما في الأفكار وابداء الملاحظات أيا كانت أو في عرض المواقف التي قد تكون صحيحة وتتسم بالمعقولية والمصداقية ولكنها تسقط في براثن ما يحيط بها من الأغلاط أو يعتور محتواها من صور العنف اللفظي والشذوذ الكلامي.
نقول ذلك وأيدينا جميعا على قلوبنا من بعض ما سمعه وشاهده المواطنون فيما جرى في الجلسات العامة لمؤتمر الحوار الوطني الشامل في دورته الأولى.
ولا شك بأن حسن الظن يدفع الكثير منا إلى البحث عن مبررات نفسية وذاتية أو مصلحية ضيفة أيا كانت لما حدث .. مما يجر الألسنة للانفعال بتلك الكلمات العنيفة والخطابات الناشزة والتي لا تساعد على تنقيح الأجواء وقد تدفع إلى المزيد من ايغار الصدور وايذاء النفوس وبث سوء الظن في أدنى الاحتمالات.
غير أن الوجه الأعم والصورة الأجلى في فعاليات وجلسات المؤتمر العامة هي تلك التي تعزز من روح الأمل والثقة في الرجال والنساء والشباب الذين استطاعوا أن ينضبطوا للنظام وأن يتجاوزوا تأثيرات الماضي والاهتمام بمعالجة أدواء الحاضر والتوجه نحو المستقبل هؤلاء وأولئك .. هم وهن قادرون بكل الأساليب الكلامية والوسائل العقلانية أن يدملوا الجراح .. ويطيبوا الأوجاع من أجل الوصول للنجاح المنشود الذي سوف يصنعه الجميع.
ولا شك أيضا بأن تواصل اللقاءات والاقتراب من نبض المشاعر الصادق يوما إثر يوم سوف تصنع التأثيرات الإيجابية المطلوبة .. وتبدع ما يراه البعض من اليائسين والمحبطين في بض الوسائل الإعلامية من قبيل المستحيل .. ونراه بأنه من اجتراح المعجزات التي سوف ينجزها المؤتمر ونعتقد مع الآخرين في الفضاء الواسع للوطن وبالثقة بالنفس وبالحكمة اليمانية بأن الجلسات في إطار فرق العمل المصغرة ستكون أكثر إثمارا وأصدق ملامسة لما هو مطلوب بالنسبة لكافة القضايا والمحاور ومعالجة كافة الاختلافات والتباينات من خلال معرفتها على حقيقتها والدوافع والأسباب التي أدت إليها ومن ثم معالجتها من جذورها خاصة وأن المعرفة الصحيحة تؤدي إلى الفهم الصحيح ومن ثم للاتفاق على ما يؤدي إلى تجاوزها بأية صورة كانت تكون مقبولة من قبل الجميع.
نعم لا يصح أبدا أن ننكر وجود التباينات في الآراء والأفكار التي قد تصل إلى حد التناقض الخطير فتلك سمة مجتمعية تعبر عن حقيقة الحياة في حركتها واندفاعها وما تنتجه من تفاوت وتأثيرات بين العارفين والجاهلين والقادرين والعاجزين والمتعلمين وغير المتعلمين وبين الأسوياء في ذواتهم ومصالحهم ومطامحهم في كافة المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية ومعتقداتهم المذهبية وانتماءاتهم الطائفية بل وداخل الأسرة الواحدة فما بال الأمر بالنسبة لمؤتمر يضم هذا الجمع الكبير في بوتقة واحدة تمثل أنموذجا لما يحويه الوطن كل الوطن.
ذلك أن المؤتمر لا يضم فقط المكونات الأساسية للمجتمع ولا تكتلات الأطراف المتنازعة وإنما صار يمثل في الصورة البارزة بوتقة واسعة للنخب المختارة بعناية خاصة واعتبارات مبررة من كل تلك الأطراف وكأن كل طرف حرص على أن يقدم أفضل ما لديه لخوض عملية وطنية بالغة الأهمية والرفعة في المنظور الحضاري للحوار الوطني الشامل ولتحمل مسؤولية من أخطر المسؤوليات التي يتوقف على أدائها بصورة حسنة ومتقنة نجاح الوطن كله وسلامة حاضره وضمانة مستقبله.
فهذه النخب من الرجال والنساء والشباب – الفتيات والفنية – أمام تحد قدري خطير بالمفهوم الذي يرتبط بالمصير العام للشعب والدولة وللقيم والقواعد العليا الحاكمة ولذلك لا أريد أن يستدعي البعض مصطلح الصفوة السياسية أو الثقافية أو الاجتماعية… إلخ لاختيار كلمة النخبة أو جملة النخب المختارة بعناية هذا المفهوم المصطلحي غير وارد هنا في ما أكتب حوله اليوم فليس هناك ما هو أخطر من جماعات النخبة أو الصفوة في عصر الجماهير والزمن الحقيقي للديمقراطية الذي يعني الاحتكام لإرادة الشعب وإملاءات الجماهير العريضة ومع ذلك فإن شرعية