علاقة الحاكم بالمحكوم

علي العماري


 -  نحن أمة برجالها ونسائها وأطفالها وشيوخها فقدت الثقة في حكامها باستثناء قلة قليلة من القيادات والرموز الوطنية والقومية ممن تحتفظ لهم ذاكرتنا الجمعية الضعيفة جل الحب والتقدير.
علي العماري –

نحن أمة برجالها ونسائها وأطفالها وشيوخها فقدت الثقة في حكامها باستثناء قلة قليلة من القيادات والرموز الوطنية والقومية ممن تحتفظ لهم ذاكرتنا الجمعية الضعيفة جل الحب والتقدير.
إن رأس الحكم المعطل للحياة السياسية العربية هو معضلة الأمة من المحيط إلى الخليج واليمن ليس استثناء فقد عانى الويلات والحروب والأزمات المصطنعة ما لا يخطر على بال وتجرعت كؤوس السم والعلقم على يد أبنائها من النحبة السياسية الذين جاءوا إلى سدة الحكم على ظهور الدبابات بالانقلابات أو عن طريق الوراثة والانتخابات الصورية أو نصف الديمقراطية.
ومشكلتنا معهم أن أغلبهم يفتقرون للمشاريع الوطنية والقومية الكبرى وقدموا إلى السلطة بمشاريع عائلية صغيرة وكانت مشاريع التمديد والتأبيد والثوريت القاسم المشترك لدول الربيع العربي (اليمن تونس مصر وليبيا وسوريا) التي انتفضت ضد حكامها عام 2011م بعدما استفزتها مثل هذه المشاريع المشبوهة والمرفوضة إلى جانب فشل بعض الدول العربية جمهورية وملكية سياسيا واقتصاديا وعسكريا وعلميا وتعليميا رغم الثروات النفطية الهائلة وفقا للتقارير الدولية للأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها مما زاد الأمر سواء وأثار غضبا واستياء الجماهير العربية على نطاق واسع.
ولازالت الأمة العربية تحتل ذيل قائمة الدول النامية الأكثر فقرا وتخلفا من ناحية التعليم والصحة والحريات العامة وحقوق الإنسان وتصنف كأمة غارقة في مشاكلها حتى النخاع غير قادرة على الخروج من أزماتها الداخلية وإطلاق طاقتها الإبداعية الخلاقة لإحداث التغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي المرجو.
على أن مشكلتنا الحقيقية ليست شحة الموارد أو مشكلة مجتمع أو دستور أو قانون إنما أزمة حكم وعلتنا ليس في القلب أو الأطراف بل في الرأس وهذا مرض عربي مزمن عصي على العلاج والحل حتى لو كان عن طريق الكي أو بقراءة آيه الكرسي فالبعض يعتقد أن الكرسي مقدس والتعرض لحكمه إساءة للذات الإلهية.
الشعوب حددت خيارتها لإسقاط الطواغيت بوسائل النضال السلمي لكن حتى الحكام الجدد لمرحلة ما بعد الربيع العربي يبدو أن البعض منهم لم يستوعب الدرس جيدا وراحوا يحكمون بأسلوب الأنظمة القمعية القديمة مع أنهم كانوا جزاء أصيلا من مكونات الثورة السلمية أو حصلوا على ثقة الناس فأخذوا على عاتقهم إعادة إنتاج النظام القديم بكل حذافيره بدلا من دفع عجلة التغيير إلى الأمام استجابة لمطالب الشعب ووفاء للشهداء والجرحى الذين سقطوا على درب الحرية.
مشكلتنا في الانفراد بالقرار والسلطة والثروة والقوة والحاكم العربي بيده مفاتيح الحل والعقد وكل شيء في البلد تابع له الجيش والأمن والإعلام والدولة والشعب يوزع المناصب والهبات والصكوك الوطنية لمن يريد أما معارضوه فهم أعداء الوطن وعملاء للخارج ويتقاضون رواتبهم من الدول الأجنبية المعادية.. ومن المؤسف أن يحصل هذا حتى بعد ثورة الربيع العربي.

قد يعجبك ايضا