المسؤول وصناعة القرار

أ.د. عبد الله الذيفاني

 - تقطع دول كثيرة في العالم مسافات متقدمة في تطوير أدائها الإداري لتحقيق الرفاه لمجتمعاتها وترجمة مسؤولياتها تجاهها وتؤسس لأجل إنجاح مسؤولياتها أدوات وأجهزة وأساليب منهجية ومعيارية وموضوعية في اتخاذ القرار
أ.د. عبد الله الذيفاني –
تقطع دول كثيرة في العالم مسافات متقدمة في تطوير أدائها الإداري لتحقيق الرفاه لمجتمعاتها وترجمة مسؤولياتها تجاهها وتؤسس لأجل إنجاح مسؤولياتها أدوات وأجهزة وأساليب منهجية ومعيارية وموضوعية في اتخاذ القرار وتسيير الشئون بمختلف ألوانها ومستوياتها بعملية وإنحياز تام للمصلحة العليا للأوطان … وفي تلك الإدارات لا مكان للعشوائية والاجتهاد القائم على التخمين والمبني على معلومات ” التخزين” وجلسات الحشوش وتصفية الحسابات بناء على تقارير كيدية وإنفاذا لإرادة الغرور والكبرياء التي تستاء وتضيق من أصحاب الرأي والإرادة والقرار المستقل.. لا يمكن لأي متابع لمجريات الإجراءات الإدارية المتخذة في البلدان الأكثر نهضة وتقدما أن يجد أن المسؤول الأول أو من يتولى مسؤولية بدرجة تمكنه من صناعة قرار أن يكون الخصم والحكم والمنفذ لقراراته وأحكامه دون أن يكوم للمتخذ ضدهم القرارات والأحكام رأيا ومنحهم الحق في الإبانة والإيضاح للموقف الذي يساءل عليه وإذا ما حدث ما يخالف ذلك نجد الرقابة والمحاسبة والقضاء الإداري له بالمرصاد تقتص منه وتأخذ الحق منه.
إن مواجهة المسؤول للحقائق من مصادرها وتمكين المعنيين بها من التعبير عن آرائهم وإجلاء المواقف كما يرونها وبما يزيل عنهم أي إجراءات ظالمة وغير موضوعية وبما يرسخ الشعور بالأمن الوظيفي ويحقق العدالة بكل تجلياتها ويحفظ الحقوق للجميع ويشدد على الواجبات من الجميع..
لا بأس أن يستلم أو يلتقى المسؤول معلومات فهذه مطلوبة ولكن المخيف أن يبني المسؤول عليها قرارا سريعا قد يوقع أضرارا بليغة بأفراد ومؤسسات وخدمات اجتماعية تبعا لطبيعة القرار والجهة المستهدفة بالقرار.
ومن الإجراءات المنهجية العلمية التي تتخذها الدول إنشاء مراكز رصد ومعلومات ومراكز بحوث وأجهزة تحري ورقابة إدارية وغير ذلك من الأجهزة تحسبا للدقة وتوضيحا للموضوعية وتأكيدا على قيمة القرار وأهميته في التطوير والارتقاء وتجويد الأداء.
وحفظا لدور الإدارة والقائمين عليها وتعزيز الثقة بها وبهم.
ذلك واحد من أمراض الإدارة في بلادنا التي نرى فيها الكثير من الاعتلالات ونراها بعيدة عن توظيف المعلومة الدقيقة والاستفادة من مراكز البحوث التي تعد علامة فارقة تحرص على وجودها الدول التي تسعى بجدية نحو الارتقاء المؤسس والمؤسسي في سلم التقدم والتغيير النوعي نحو الأفضل..
ومن الأمراض الأخرى الاعتماد على الثقة والمحسوبية والقرب من مصدر القرار في صناعة القرار وتحديد المواقف. وتكون العلة أكثر إيلاما حيت يتم تجاوز مراكز البحوث وأوعية المعلومات المسؤولة وتجاهل دورها والركون إلى جلسات قات أو كلمات على الهاتف أو رسالة أو ” مخافسة” وما شابه ذلك..
فالقرار يفقد قيمته إذا أتجه نحو أولويات منخفضة أو لتحقيق أهداف شخصية أو ترجمة نوازع الغرور واستعراض العضلات.
إن أبجديات النجاح للقرار المسؤول والموضوعي:
1- أن يبنى على معلومات دقيقة وواضحة ومؤكدة من مصادر متعددة
2- تختفي العناصر الطفيلية من بيئة صناعة القرار
3- يغلب دور مراكز البحث والمعلومات
4- يستمد القرار من بيئة سوية وبإجراءات تتسم بالأناة والموضوعية وعبر قنوات معينة ومحايدة
5- يختفي التأثير السياسي الحزبي الكيدي
6- لا يبنى على أساس من الشخصنة وتصفية أصحاب الرأي ماداموا يلتزمون بأعمالهم
7- يدرك المسؤول أنه أجير ومستخدم عند الوطن والمواطن وليس متحكما ومتسلطا وطاغية فمن العيب أن يمتنع مسؤول من مقابلة مواطن خوفا من مواجهة الحقيقة التي قد لا تسره
8- يدرك المسؤول أن وجوده على كرسي السلطة لا يعني تفرده وامتلاكه لصفات لا توجد في غيره وأن لا يصيبه الغرور ويتأثر بعزف المقربين بصفاته وخصائصه التي تجعل منه فلتة من فلتات التاريخ لا تتكرر.
المسؤولية أمانة وكل مسؤول سيقف أمام الحق جلت قدرته ” وقفوهم أنهم مسؤولون” وهو يعلم جيدا ما أقترفه كل مسؤول ” ووضع الكتاب فترى المجرمون مشفقون مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا”
والله من وراء القصد,,,,

قد يعجبك ايضا