المغتربون اليمنيون وأسرهم.. بين الخوف والقلق
تحقيق إبراهيم الوادعي
تحقيق/ إبراهيم الوادعي –
القلق يخيم على وجوههم حين تستفسرهم عن السبب يبادرونك بسؤال استغرابي همهمات تدور في المقاهي وعلى أرصفة الطرقات تلك العيون التي كنا نشاهدها والنظرات الحائرة إبان حرب الخليج الأولى عام 1990م تعود مجددا القرار السعودي الأخير بشأن العمالة يطال بآثاره السلبية عشرات الآلاف من العاملين اليمنيين في المملكة والمهددين بالطرد والإبعاد إلى بلدهم في مأساة جديدة بعد 14 عاما.
الكثيرون ممن تحدثوا إلينا كشفوا عن بحر من الهموم نتيجة ذلك القرار الذي يرونه غير منصف وجائر خاصة وأن كثيرا منهم بحسب أقربائهم باعوا ممتلكات عزيزة عليهم من أجل شراء ثمن فيزا العمل بغية أن يعملوا في بلد الاغتراب وبعد أن ضاقت بهم السبل في بلدهم نتيجة أوضاعه الاقتصادية المتردية والأحداث التي عاشتها اليمن ابان العامين الماضيين.
قلق
في مدينة المحويت التي لا تفصلها عن الحدود سوى 3 ساعات بالسيارة ويعمل الكثير من أبنائها في المملكة العربية السعودية تسأل امرأة في خريف العمر موظف مركز الاتصالات بقلق عن كيفية إجراء الاتصال الدولي مدت إليه بيد مرتجفة رقما يظهر فيه أنها ترغب الاتصال إلى السعودية حيث يعمل ولدها هناك منذ ما يقرب العام بعد أن اشترى فيزا عمل وترك أسرته في عهدة والديه الكبيرين في السن ليبحث عن عمل وفرصة عيش كريمة ولو بعيدا عن وطنه.
أم محمد القطمة انقطع ولدها عن الاتصال بها منذ فترة وسمعت من جيرانها عن القرار السعودي الأخير المتصل بالمغتربين وتقول: لي أكثر من عشرة أيام أنتظر ولدي أن يتصل بي ولكنه لم يفعل اعتدت أن يتصل بي بين الحين والآخر ومن سفره لم أحس بالقلق عليه قدر إحساسي اليوم وخاصة بعد أن علمت بأن السعودية بدأت بملاحقة مغتربين ممن لا تنطبق عليهم مقتضيات القرار الجديد المتصل بالعمالة وتقوم بترحيلهم.
أم محمد لا تفهم كثيرا في القوانين لكنها وبحسب ماشرح لها جيرانها فإن ولدها الذي يعمل في السعودية منذ تسعة أشهر مهدد بالطرد كمثل غيره كثر من المغتربين اليمنيين فولدها يعمل على تاكسي استأجرها من أحدهم في منطقة جدة بعد أن ترك عمله السابق في شركة للمنتجات الزراعية كانت لا تجيب همها بحسب أم محمد التي تقول: اضطر ولدي للعمل على متن تاكسي بالشراكة مع أحدهم وهو يدفع علاوة على الشراكة في إيراد التاكسي مبلغ سبعة آلاف ريال سنويا للكفيل بحسب ما أخبرني.
هذه الأم القلقة على ابنها لا تفقه من السياسة أو مقتضيات التعامل بين الدول وكل ما ترجوه أن تعمل الحكومة بسرعة لإنقاذ ولدها الذي يعيل أسرة من أربعة أطفال أرغم على تركهم والهجرة تحت ضيق العيش وتقطع السبل وفرص العمل في بلده.
أم محمد وكثير من الأسر هنا دفعت الغالي والنفيس لقاء شراء فيزا العمل في السعودية وصلت إلى مبالغ باهظة أجبرت بعضهم على بيع بقرة المنزل التي تعتاش عليها أسرته وبعضهم باع قطعة أرض أو ذهب زوجته على أمل التعويض بعد شهور من العمل في موطن الاغتراب هؤلاء هم اليوم عاجزون عن الإيفاء بوعودهم لأسرهم عوضا عن إعالتهم فمصيرهم معلق بقبضة شرطي على الشارع تعيدهم إلى ما خلف الحدود دون أن تعوضهم ولو قليلا مما خسروه على أيدي كفلاء تخلوا عنهم منذ لحظة وصولهم إلى بلد الاغتراب حين اكتشفوا أن الكفيل يبحث منهم عن مال بينما لايوفر لهم عملا وعليهم بأنفسهم تحمل مشقة البحث عن ذلك بعد أن تجاوزوا مشقة الحصول عن فيز عمل تسمح لهم بعبور خط الحدود والعيش ولو بقليل من الكرامة في بلد الاغتراب بعيدا عن اسرهم وذويهم وضمن قيود مشددة اصلا قبل القرار الأخير.
الاكثر تضررا
لم يمض على دخول محمد كما تقول أمه سوى تسعة أشهر ولم يقطع حتى اليوم أن يعيد لها مأخذه منها ثمنا لشراء فيزا العمل وهو اليوم مهدد بالعودة.
يؤكد عبدالرحمن وهو مغترب يمني بالرياض بأن الشريحة الاكثر تضررا من المغتربين في المملكة العربية السعودية هم اليمنيون فنمط الاعمال التي يقومون بها على اهميتها في مجملها أعمال حرة كمجال البناء وغير ذلك من الاعمال التي يمارسها المغترب بشكل حر في حين يدفع غالبيتهم مبلغا من المال للكفيل كل عام.
ويؤكد أن القرار الأخير سيطال حتى شريحة المغتربين الذين نجوا فما اعتبره كارثة عام 90م حين رحل مئات الآلاف من المغتربين اليمنيين على خلفية سياسية آنذاك وسيقيد الى حد كبير قدرة اليمنيين على العمل في السعودية كون الاعمال التي يجيدها اليمنيون هي اعمال حرة بطابعها وقليلا ما ترتبط بشركات بقية الجنسيات التي تعج بها المملكة.
قرار قاس
قرار مجلس الوزراء السعودي يراه متابعون قرارا قاسيا في عدم إتاحة الفرصة للمعالجة قبل مباشرة إجراء الترحيل أو توفير معالجات بديلة تكفل عدم قطع ارزاق من يعملون بكرامة ويوفرون للمملكة وشعبها خدمات في مهن هم في أمس الحاجة إليها وهو ما يفرض بحسب هؤلاء على الحكومة اليمنية مسئولية اكبر تجاه المغترب اليمني.
