مصائب قوم عند قوم فوائد

علي أحمد بارجاء

 -  صدق من قال : إننا مداحو قبور لا نلتفت لكبار علمائنا وكتابنا وأدبائنا وفنانينا ولا نوليهم ما يستحقون من اهتمام ورعاية وهم بين ظهرانينا يسهرون ويبدعون ليقدموا لنا خلاصة فكرهم وعصارة
علي أحمد بارجاء –

< صدق من قال : إننا مداحو قبور لا نلتفت لكبار علمائنا وكتابنا وأدبائنا وفنانينا ولا نوليهم ما يستحقون من اهتمام ورعاية وهم بين ظهرانينا يسهرون ويبدعون ليقدموا لنا خلاصة فكرهم وعصارة تجاربهم وليرسموا الابتسامة على شفاهنا ويزرعوا شجر الأمل في سبلنا ولا ننتبه إليهم إلا حين ينعيهم الناعي عند ذلك نتظاهر بالشعور بحجم تقصيرنا ولا مبالاتنا.
هذا الحديث ليس بجديد بل يتردد عند وفاة كل علم من أولئك الأعلام ثم نعود لنمارس عادة اللامبالاة التي أصبحت طبعا فينا وخلقا نمارسه منذ أول يوم تقذف بنا السياسة فيه على الكرسي الوثير الذي يجعلنا نتحكم بقوته وجبروته في مصائركم لتكونوا أشقى المبدعين في العالم لأن كل مبدöع لا يعاني لا يمكن أن يبدع ويقدöم الأجود والأفضل.
إن أقصى ما نستطيع فعله للمتوفى هو أن نقيم له محفلا لتأبينه والتعبير عن حزننا وأسفنا لرحيله ونشدöد في التوصية بإطلاق اسمه على مدرسة أو قاعة أو شارع ونقدم الوعود برعاية أسرته والاهتمام بما يتركه من تراث وطباعته ونشره ثم تنفض الجموع فنعود كما (عادت حليمة إلى عادتها القديمة) فنكون أكثر إöخلافا لوعودنا من (عرقوب) نفسه وننسى حماسنا الذي أبديناه يوم التأبين. هكذا نحن مع أعلامنا الكبار فكيف سنكون مع المبدعين والموهوبين من الشبيبة والنشء¿
الواقع أن هؤلاء الشبيبة و الموهوبين قد عرفوا حقيقة لا مبالاتنا وكذبنا فبحثوا لأنفسهم عن طريق خارج حدود بلدهم التي أصبحت مقبرة لكل إبداع وموهبة فهي _ أي بلدهم _ مشغولة بالصراعات على كراسي السلطة. وها نحن بين حين وحين نسمع عن تفوق يحقöقه شبيبة وفتيان من أبنائنا شاركوا في غفلة منا في مسابقات دورية تقام في دول عربية وغير عربية في الأدب والفنون والعلوم بانتظام وفي مواعيد تتحدى ساعة (بيج بن) البريطانية دöقة في الضبط وعلى كثرة المشاركين في تلك المسابقات من دول مختلفة و على ما فيها من تنافس شديد نجد أن شبيبتنا وفتياننا يحتلون مراكز الصدارة ويحقöقون المراتب العليا ويحصدون الجوائز والألقاب. حينها فقط يفاجئنا هؤلاء بعظمة ما حققوه من تفوق يجعلنا أسرى للدهشة والإعجاب فنشعر إننا كنا في غفلة عما يحدث ولا نصحو منها إلا كلما سمعنا أن أحدهم تفوق في مشاركة له خارج حدودنا بينما ظل مغمورا في وطنه عند ذلك وإحساسا منا بالذنب وتكفيرا لما اقترفناه في حقöهم من إهمال فإن قصارى ما يمكننا فعله هو أن نتنازل عن كبريائنا ونستقبلهم في المطارات وندعوهم للöقاء بهم ونكرöمهم بشهادات ورقية يسúتحúيون حتى من رفعها على جدار لأنها كانت مجرد وسيلة نبرöر بها غاية لنظهر في الإعلام فنكذب على الناس بأننا نهتم ونحن في الواقع وجöدúنا على مقاعدنا في السلطة لنمارس إحباط المبدعين ونقتل فيهم روح الطموح نعم نحن كذلك وهذا شأننا وحسبكم الله فينا فأنتم في بلد التاريخ المجيد والحضارة العريقة ويكفيكم فخرا إنكم من أبنائها فلا تتعبوا أنفسكم في الإبداع والتفوق فقد كفاكم أسلافكم البحث عن أي مجد!! وقد صرحنا بهذا ليبقى عهدا وميثاقا يلتزم به كل مسؤول سيأتي من بعدنا. وسيظل شعارنا هو: (مصائب قوم عند قوم فوائد).

قد يعجبك ايضا