ما يفعله حراك البيض جنون!
عبد الناصر الهلالي

عبد الناصر الهلالي –
قبل اندلاع صيف(94)م كان البيض ‘ومعه قيادات جنوبية’وأخرى شمالية تطالب بتوحيد الجيش تحت قيادة واحدة’وطنية بالطبع’وإخراج المعسكرات من المدن’وبناء الدولة’وما إلى ذلك من الإنجازات السياسية التي تتحقق اليوم..كان البيض وجميع القيادات الوطنية معهم كل الحق فيما سعت إليه ورأت أنه المخرج لأي صدام في المستقبل’صالح رأى غير ذلك ودفع البيض للحرب كخيار للخلاص.
حتى تلك اللحظة كان ما يفعلونه صحيحا’وعين الصواب على اعتبار أن ذاك التوجه هو البوابة للدولة المدنية’وسواه هو البركان الذي سينفجر ذات صباح..البركان انفجر في 11فبراير2011م’على من أثخن في الحمق’وأثخن في الحروب’والدمار ‘والقتل..(هو ديدن الطغاة في كل زمان على كل حال)..بعد(94)م كان للجنوبيين الحق في التعبير السلمي عما اعتبروه ظلما لحق بهم’وإن كان الحراك السلمي بدأ عمليا بعد العام2006م.
قبل هذا التاريخ كان يسود الوسط الجنوبي عامة حالة من الغليان الدفين’وحالة من الإحباط المكبوت’لا أحد يفصح عن ذلك..على الأقل هذا ما لاحظته عندما كنت مراسلا للصحيفة في محافظتي(لحج’وعدن) حتى العام2005م.. كان البعض من الجيران’وحتى الزملاء الصحفيين يعتبرونني(أمن)ويتحاشون التحدث أمامي ‘أو حتى القبول بي كزميل’ولم يقتنعوا إلا بعد حديثي الدائم عن فساد النظام’وما آل إليه الوضع في الشمال ‘والجنوب عموما حينها فقط صارحني أحدهم بأن الهاجس الأمني لا يبارح مخيلتهم..كنت’وغيري الكثير متعاطفون معهم على الدوام ..لا أعترض على فش غلهم فينا ‘ومواجهتنا به صراحة’كان أحدهم يقول لي “سنخرجكم من بلادنا يا(دحابيش)”نتقبل ذلك ونمضي نتحسر على ما يؤول إليه أمر الوحدة في ظل حكم يحاول جاهدا القضاء على ما تبقى من حب لوحدة التراب’والإنسان..كان لابد من التعاطف مع الجنوبيين’وكان لابد من التماس العذر لهم’وكان لابد من تحمل ما يواجهوننا به من الجلافة..ماذا يمكن أن ننتظر من مئات الآلاف من السكان وهم يشاهدون أرضهم تنهب’والضباط يسرحون في مقتبل العمر’والمحافظين’ومدراء العموم يأتون من الشمال ‘و موظفو الجنوب تحولوا إلى (شقات) معهم..أقصى ما يفعلونه هو السمع ‘والطاعة’ومحلك سر’ ولا أشتي أسمع لأحد صوتا’والكثير ..الكثير من الممارسات الخاطئة¿
لم نكن ننتظر منهم سوى ذاك التعبير السلمي’هو أقصي ما يقدمونه إزاء قضيتهم العادلة..وهو تعبير مكفول.
وعندما جاءت الثورة الشبابية اقتنع الكثيرون أنها سوف تصحح الكثير من المفاهيم ‘وتحل في طريقها كل القضايا العادلة’ولاسيما القضية الجنوبية..رئيس الجمهورية اليوم يفعل كل ما كان يجب فعله بعد العام(90)م وهذا من صميم أهداف الوحدة..وما لم يستطع الشعب فعله حينها فعله اليوم بعد ثورة جمعت الشمال ‘والجنوب في تأصيل جديد للوحدة اليمنية’وهذا بتقدير الكثير من المراقبين أعاد للوحدة الاعتبار ‘وللجنوب جزءا من فردوسه المفقود…أما ما نشاهده اليوم من قبل البيض من خروج عن السلمية’وقطع الطرقات’وفرض العصيان المدني بقوة السلاح ‘وتخريب ممتلكات الآخرين ليس مقبولا’في وضع تخلص فيه اليمنيون ممن أوصل الجنوب ‘والشمال إلي السيئ من القول ‘والفعل..مع التقدير لحجم الظلم ‘والمعاناة التي لحقت بالجنوب’وسيكون التقدير لحجم المعاناة تلك أكثر معنى ‘عند إرجاع ما نهب منه ‘وعودة من سرح من الجيش..وقبل ذلك الاعتذار للجنوب’وهذا بتقديري لن يكلف كثيرا فقط اعتراف بخطأ لحق ببشر قدموا الأنا من أجل الجمع’وتنازلوا من أجل الوحدة’واتركونا من حسابات ‘وتداعيات الحرب الباردة التي أوجعتم رؤوسنا بها.
