منطق الحوار..!!

يحيى العلفي


 -  لولا التفاهم ومنطق التخاطب ومقارعة الحجة بالحجة بين البشر منذ خلق الله الإنسان في البداية وميزه بالعقل وبسائر الحواس الأخرى وجعله المخلوق الوحيد الذي يفرق بين
يحيى العلفي –

لولا التفاهم ومنطق التخاطب ومقارعة الحجة بالحجة بين البشر منذ خلق الله الإنسان في البداية وميزه بالعقل وبسائر الحواس الأخرى وجعله المخلوق الوحيد الذي يفرق بين الأشياء ويميز بين الخير والشر والنافع والضار وبين الخطر وعكسه وجعله أيضا يتبصر الأمور وفق مقتضيات الحال وطبيعة وظروف الواقع الحياتي المعاش.
نقول: لولا هذه المسلمات العقلانية الممنطقة في حياة الناس لكانت الوقائع والأحوال الإنسانية تختلف تماما عما هي عليه الآن وقبل الآن ما ضيا وحاضرا ومستقبلا أي منذ بدء الخليقة وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وبناء عليه فإن التحاور والتفاهم والنقاش هو السليقة البشرية المثلى التي يمكن للإنسان في كل زمان ومكان أن يبحث من خلالها عن أنسب الطرق وأفضل السبل وأيسرها لمعالجة مختلف القضايا والإشكالات والمعوقات التي تعرقل سير حياته وتنغص معيشته وتزعزع أمنه واستقراره.
لهذا فإن الحوار واللجوء إلى مناقشة القضايا والأمور التي تهم الناس – في مجتمعهم الصغير والكبير – هو السليقة الإنسانية العظيمة التي يتميز بها الإنسان وينهج سبيلها لمعالجة الكثير من المسائل المتباينة في ما بيه وبين أخيه الإنسان سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية وذلك من خلال الطرح الموضوعي والنقاش الصريح وعدم إغفال الآخر أو تهميش الغير – على اعتبار أن الكل أبناء وطن واحد والجميع شركاء في السراء والضراء مهما اختلفت معتقداتهم وميولاتهم الفكرية.
اليوم وشعبنا اليمني العظيم على موعد من مؤتمر الحوار الوطني المقرر في وقت لاحق فإن الواجب يحتم علينا جميعا تمثل الواقعية والمصداقية والحرص بما يكفل لهذا المؤتمر النجاح المنشود وتحقيق الأهداف الوطنية المرجوة على أساس أن منطق الحوار هو الغاية السليمة لمعالجة كافة القضايا والهموم المطروحة على جدول أعمال المؤتمر والوصول إلى رؤى مشتركة موحدة تصب كلها في مصلحة الوطن وخدمة أهدافه العليا وحماية مكتسباته والحفاظ على وحدته ومنجزاته الحضارية العظيمة.
فالحوار وحده هو من يهدي جميع الأطياف السياسية والحزبية – حتى وغيرها من عامة الشعب إلى طريق الرشاد وإلى جادة الصواب وهو وحده أيضا من يلم شعث الفرقاء ويفوت الفرص على من يريدون إيغار العداوة والحقد والبغضاء بين أبناء الشعب الواحد الموحد عقيدة ولغة وثقافة وعادات وتقاليد وروابط اجتماعية متينة.
نعم: نقول ذلك ونؤكد بأن منطق الحوار وحده هو من سيجنب اليمن وأبناءها الكثير من ويلات المحن والفتن ومعمعات التراجع والإحباط – ولا شك بأن مؤتمر الحوار سيكون فرصة لأولئك الصامتين والجنود المجهولين الذين يحرصون على مصلحة الوطن وعلى أمنه وسلامته كحرصهم على حياتهم وعلى أغلى ما يملكون – وذلك لإبداء وجهات نظرهم إزاء كل ما يعتمل في صرح هذا الوطن العظيم المعطاء من إيجابيات ومن سلبيات ومعضلات بما سيطرحونه من رؤى وأفكار بعيدة كل البعد عن المصالح الذاتية الضيقة وبما يجعل من المؤتمر ومن أعماله ساحة حرة للنقاش ولطرح التصورات والأفكار الجديدة على ضوء الأحداث والمتغيرات التي شهدتها وتشهدها الساحة الوطنية ووفق معطيات تحكمها الضوابط التي ستنظم أعمال أول وأكبر مؤتمر وطني في تاريخ اليمن الحديث الأمر الذي سيعطي لكل المشاركين فرصا كبيرة للطرح والمناقشة ولإبداء الرأي والاقتراح .. وهو ما يعني أن الجميع سيكونون مسئولين أمام الله والتاريخ وأمام العالم أجمع في ما سيتوصلون إليه من نتائج .. فإن هم أحسنوا الطرح وحرصوا على إيجابيات نتائجه فصفحاتهم ستكون بيضاء وسيسجلها التاريخ في أنصع الصفحات .. وإن ازدادوا صلابة وجفاء وانغماسا في المعمعات وتذكر نكايات وجروح الماضي القريب والبعيد فإن على الدنيا السلام -لا قدر الله – وأملنا بل كل أمنياتنا أن تخرج معطيات هذا المؤتمر بنتائج وخطوات مشرفة ترفع رأس اليمن واليمنيين عاليا في سماء المجد والخلود … وعندئذ فقط سيكون للتغيير مذاقه اللذيذ لبناء يمن جديد ودولة مدنية حديثة بكل ما تعنيه معاني الكلمات المصاغة.

قد يعجبك ايضا