عن النشاط الاقتصادي للجماعات

عبدالرحمن مراد

مقالة


 - كنت تحدثت عن التنوع الثقافي في الإطار الجغرافي اليمني وأثر الثقافات في البنية الثقافية اليمنية وتكوينها وبالضرورة فإن التكوين الثقافي وتنوعه يفرض تعددا وتنوعا في النشاط الاقتصادي
عبدالرحمن مراد –

مقالة

كنت تحدثت عن التنوع الثقافي في الإطار الجغرافي اليمني وأثر الثقافات في البنية الثقافية اليمنية وتكوينها وبالضرورة فإن التكوين الثقافي وتنوعه يفرض تعددا وتنوعا في النشاط الاقتصادي للجماعات البشرية وقد تحدثت المصادر والمراجع التاريخية عن ذلك التنوع في المناشط الاقتصادية عند اليمنيين فالصناعات كانت جزءا أساسيا والزراعة والرعي والتبادل التجاري بين اليمن وغيرها لذلك نقرأ في العرف الاجتماعي تشريعات كثيرة تنظم ذلك النشاط المتعدد والمتنوع وأسس المشكلة في اليمن أن تراكمها المعرفي والثقافي يذهب مع الأجيال ويتوارى مع كبار السن دون أن تمتد إليه يد العناية والحفظ والتوثيق.
اليمن بطبيعة سياقها التاريخي كانت بلدا مزدهرا اقتصاديا ولم يكن لها من المقومات ما يؤهلها لمثل ذلك الازدهار فهي تعتمد على الأمطار ولم يكن لها من الأنهار كتلك التي نشأت حولها الحضارات الإنسانية الكبيرة ولكنها كانت تملك روحا مصرة على البقاء وذهنية ابتكارية وإبداعية جعلها تساهم بقسط وافر في الحضارات الإنسانية إذ كانت البلاد هي بدائل الأنهار وكانت المدرجات الجبلية هي حالة التكيف مع الطبيعة الجغرافية وكان البعد المعرفي والثقافي لطبيعة المناخات والتضاريس وأثر المنازل القمرية والرياح وبالمعنى الأقرب إلى الجوهر وفق مفهومنا المعاصر هو الاجتهاد العلمي والمعرفي وخوض التجريب في مناحي الحياة المختلفة هو المرتكز الأساس الذي استطاع من خلاله الإنسان اليمني أن يسجل حضوره التاريخي وحضوره الحضاري ومثل ذلك ووفق دلائل التاريخ وحقائق الواقع وإشاراته يمكن القول إن خاصيتي الإبداع والابتكار هما الثروة الحقيقية التي يمكن التعويل عليهما في استعادة اليمن لوهجها الحضاري والتاريخي أما القوالب والنماذج الجاهزة فلا أظن أنها ستكون قادرة على تحقيق ولو الحد الأدنى من النمو ذلك أن إبداع الإنسان دائم التحول والتجدد وهو في الغالب لايتصف بالكمال وما يبتكره الإنسان وفق مقاييس بيئية وثقافية وحضارية بعينها لا يمكن أن يتوافق مع مقاييس مضادة أو مختلفة وثمة عوامل أو عناصر مشتركة من حيث الضرورة الطبيعية أو من حيث الضرورة الإنسانية قد تصبح من المسلمات في زمن وقد تصبح موضع نقاش في آخر فالثابت قد يتحول والمتحول قد يصبح ثابتا فالصيرورة الزمنية تفرض ضرورتها الثقافية والاجتماعية ومثلها التبدلات في الأنماط الحياتية لذلك فالنمطية الاقتصادية قد تعجز عن تحقيق النهوض الحضاري لبلد ما طالما ومنطلقاتها وأبعادها لا تتسق مع الأبعاد الثقافية والحضارية لذلك البلد لأنها بالضرورة تحدث قدرا من التضاد والتضاد يبعث روح المقاومة والعداء ومثل ذلك كان سببا في فشل المنظومة الاقتصادية الاشتراكية في المحافظات الجنوبية إبان حكم الحزب الاشتراكي (1967-1990م) وكذلك كانت سببا في فشل المنظومة الرأس مالية التي كانت في الشمال وظلت هي الأكثر حضورا في زمن ما بعد وحدة الشطرين فالملاحظ أن شركات ومصانع القطاع العام شاع فيها الفساد وخضعت لإجراءات التخصيص وما تبقى منها تعطل كمصنع باجل للأسمنت ومصنع الغزل والنسيج في عدن وثمة شركات على حافة الانهيار كشركة الأدوية (يدكو) وغير كل أولئك كثر فالتدمير الذي حمله مشروع الشيخ كان عبثيا يتوافق وطبيعته العبثية في التعامل مع الأشياء ومقدرات الوطن وهو المشروع الذي أنتجته حرب صيف 1994م.
وأمام مثل تلك الحقائق الموضوعية يصبح التفكير في الأدوار التاريخية والمكون الثقافي والحضاري لليمن هو السبيل الوحيد للخروج من عنق الزجاجة ومن دائرة الفشل والتعطيل للمناشط الاقتصادية فالصيغة التفاعلية التي نشأت عليها الدولة التاريخية قد تكون هي الأقدر والأنفع وبحيث تنشأ شركات كبرى مساهمة أي بصيغة تفاعلية بين الدولة ورأس المال الوطني وبحيث نحد من ظاهرة الاحتكار أو تركيز رأس المال في محددة جغرافية بعينها فالشركات ذات الطابع الخدمي كالاتصالات أو الشركات ذات العلاقة بالثروة الوطنية مثل شركات نقل أو تسويق النفط حين تتحول إلى شركات مساهمة فهي تضمن تحقيق النفعية لشريحة اجتماعية واسعة وتكفل للدولة حضورها ونفعيتها وفي السياق ذاته فإنها تعمل على تجويد الخدمة وتساهم في التنمية الاجتماعية بما تملكه من ديناميكية ومن تفاعلية كيمائية في داخلها وبمثل تلك الصيغة التفاعلية قد نفكر في الخروج من دائرة الاقتصاد المعاشي الذي يضرب بسياجه حولنا فالصناعات التي تستورد كل شيء وتوهمنا بالوطنية يفترض بها أن تستعيد وعيها بذاتها وتنظر إلى المقومات البيئية والطبيعية لتصبغ نفسها بصبغة الوطنية الحقة فالتكاثر لشركات العصائر وقناني ا

قد يعجبك ايضا