سقطرى.. المواطن يمني

عادل عبدالإله العصار

مقالة


 - إلى مؤتمر الحوار ومن أبعد نقطة على الخارطة اليمنية جاء مواطن الجزيرة الأبعد ليروي حكاية إنسان ما يزال ينتظر زمنا جديدا ومعجزة يستطيع من خلالها لفت نظر الحكومة إلى وجود مواطنين
عادل عبدالإله العصار –

مقالة

إلى مؤتمر الحوار ومن أبعد نقطة على الخارطة اليمنية جاء مواطن الجزيرة الأبعد ليروي حكاية إنسان ما يزال ينتظر زمنا جديدا ومعجزة يستطيع من خلالها لفت نظر الحكومة إلى وجود مواطنين يمنيين يعيشون في جزيرة نائية تسكن رئة المحيط الذي طالما حملت إلينا رياحه سحبا وغيوما مشبعة بالخير والكثير من رسائل سقطرى التي لم نقرأها أو نجب عليها جهلا وتجاهلا.
على منصة الحوار وقف مندوب سقطرى ليتحدث باسم مائة ألف أو يزيدون.. شامخا كقامة الجزيرة التي لم تنحن أمام الأعاصير ورياح المواسم العاتية وقف خطيبا معاتبا لا يعجزه إيصال رسالته وكلماته الدافئة دفء سقطرى والصادقة صدق أهلها وعلى طاولة الحوار وضع قضية مواطنين يمنيين ما يزالون ينتظرون مجيء خطط وبرامج التنمية إليهم.
هناك نسيت أو تناست الحكومات اليمنية المتعاقبة مائة ألف أو يزيدون يتقاسمون المعاناة ويتشاركون الحرمان.. يعيشون دون أدنى مقومات العيش ويموتون بلا أعمار وبلا حياة وما بينهم وبين الوطن تقطعت السبل وانعدمت أدوات التواصل حتى أصبحوا سجناء جزيرة لا ترى فيها الدولة وحكوماتها المتعاقبة غير السواحل البكر والغابات والنباتات النادرة والطبيعة الساحرة وبعيون الحكومة رأينا سقطرى جزيرة مسكونة بأشجار دم الأخوين وطيور الأبابيل وزواحف وسحالي عصور ما قبل التاريخ.
مائة ألف أو يزيدون ما يزالون هناك يحلمون بغد يختصر المسافات الزمنية وينقلهم من حياة إنسان الكهوف التي يعيشونها إلى القرن الواحد والعشرين أو على الأقل إلى حاضر وطنهم وإخوانهم اليمنيين الذين يتقاسمون معهم الهوية في كل مناطق اليمن.
مائة ألف مواطن أو يزيدون ما زالوا منسيين في زمن ثورة المعلومات التي حولت العالم إلى قرية صغيرة ومغيبين في زمن الحضور الإنساني ليس لأنهم فضلوا حياة العزلة وعاشوها وتعايشوا معها حتى أدمنوها وليس لأنهم غير قادرين على التعايش مع الحاضر الجديد وغير مؤهلين للاندماج مع الواقع المتطور وإنما لأنهم يمنيون يعيشون في أبعد نقطة على خارطة النسيان الوطني.
كلمات كثيرة سمعناها في مؤتمر الحوار الوطني لكن كلمة مندوب سقطرى كانت الأكثر تعبيرا وتفسيرا لواقع يمنيين منسيين في حضرة الواقع ومحرومين لدرجة البحث عن كلمة أو مصطلح جديد يفسر واقعية ما يعيشونه من الحرمان مائة ألف أو يزيدون تحتضنهم كهوف سقطرى وتجاويفها يعيشون هدوءها وعنفوانها تسامحها وغضبها لكنها رغم كل ذلك ما تزال وستظل تمنحهم دفئها وسحرها وتشفى آلامهم وجراحاتهم بأعشابها ويكفي أن نعلم أن المواطن اليمني في سقطرى يحتاج لأكثر من مائة ألف ريال لشراء تذكرة إذا ما أراد السفر من الوطن إلى الوطن إذا ما اضطر للعلاج أو الدراسة أو إتمام معاملة إدارية بسيطة يكفي أن نعلم ذلك لندرك لماذا ما تزال شجرة الأخوين تنزف دما حتى اليوم.

قد يعجبك ايضا