ما الذي تغير على قاعة وأروقة موفمبيك

كتب محمد محمد إبراهيم


كتب /محمد محمد إبراهيم –
(ما أطول الوقت والعاشق يعاني).. هكذا تمضي عقارب الوقت ببطء من اللحظة الأولى التي شكل فيها المشير عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية طاقما طبيا مكونا من (565) طبيبا يمنيا ينتظر اليمنيون لنتائج التشخيص الأولية التي سيخرج بها الفريق الطبي محددا بها مسار فتح الجراحات السياسية المزمنة لاستئصال ورم السياسة الخبيث من قلب سفينتهم التي تاهت في محيطات الجدل العدمي منذ (50) عاما من تاريخ اليمن المعاصر.. وبين تراكم التعقيد والفواصل الزمنية خلال نصف قرن ثمة أمل كبير يقرع أجراس الحذر في ذاكرة الحكمة اليمانية عكسته الأجواء التي خيمت على الجلسات العامة لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي اجتاز تسعة أيام غيرت ملامح الصورة الذهنية المتوقعة للحظات الأولى للقاء فرقاء السياسية والصراع.. لكن كيف حصل ذلك¿ وماذا على الطاقم الذي يدرك الآن مسئولية التحول إلى فرق عمل مهمتها فتح الجراحات ومعالجتها¿¿
الكل منتظر على ظهر السفينة خارج غرف العناية المركزة بينما أطباء الحوار والتصالح والتسامح يشارفون على أخطر مراحل استعادة الوضع الطبيعي لنبض محرك السفينة صوب ساحل الوحدة والسلام والديمقراطية.. أوشك العزم على الانطفاء.. لكن للسفينة ربان آخر أستلم الراية في 28 فبراير 2012م يمضي بخطى وثابة محاطا بعناية الله ومؤزرا بنوايا طاقمه- إن صدقت- ودعم أشقائه الخليجيين وتعاون اصدقائه الدوليين.. وللسفينة أيضا مجدفون شدوا أشرعة الإصرار ونشطوا مجاديف النجاة مسرجين في أفق الخطر بوارق تحúدو الركب اليماني إلى شاطئ النور.. ربما اقترب الأطباء من غور الجراح لكن بينهم ونجاح العملية القيصرية مندب إلى القضية الجنوبية الأكثر إيلاما ونزفا وعباب ضاعفتها ست حروب شكلت معضلة قضية صعدة ومضايق حرجة إلى حل عقدة التنمية المزمنة جغرافيا وبشريا.. وعتو ريح – محملة بأعراض أخونة مصر و”فدرلة” السودان- لبدت نقطة الضوء إلى شكل الدولة اليمنية المدنية الحديثة ذات الكيان الموحد الخالي من كلسترول السياسية وجلطات الحروب..

الصورة الذهنية
صورة العراك بالأيدي ورفع السلاح وإطلاق عنان الشتائم كانت مسيطرة على ذهنية الكثير من اليمنيين وغير اليمنيين تجاه نقائض الصراع السياسي والقبلي والمجتمعي وذلك عند التقائها في قاعة ترتجف وسطها طاولة تتسع لكل أسباب الخلاف والاحتراب التي أشعلت فتيل الاقتتال في الجنوب والشمال والوسط وشمال الشمال.. هكذا كان الجميع يتخل المشهد بالتقاء قادة الحراك أولا ببعضهم -إذ لم يلتق البعض منذ يناير 86م ومرورا بـ 94 و2011م وما بينهما-.. ثم التقاؤهم بمجيزي صيف 94م ومديري عملياتها ورحاها وشررها التي “وكرتú” في خاصرة الوحدة اليمنية ثم التقاء أساطين الحروب الستة التي دارت رحاها في جبال مران وما حولها ملتهمة الآلاف من أرواح الشعب اليمني الذين خيلتú لهم لعنة الجنتين- في لحظة مستعادة من مقام : “ربنا باعد بين أسفارنا” – إن بعضهم لبعض عدو ليكتشفوا بين الحطام أن لا عدو للإنسانية والسلام سوى الشيطان الذي زين خلافهم الحاكمي والعقدي والسياسي منتقلا بنقائض الصراع إلى العاصمة صنعاء .. ليحوöلها إلى مدينة لا تعدو عن جوف بيضة اسمها السياسة.. تتناحر فيها قوى يمنية شتى وبانتظار فقصة المنتصر.. لكن (فقصتها) لم تكن كما توقع الشر بل جاء من تلك البيضة طائرا بلون الاخضرار وروح الحكمة اليمانية ليدهش العالم بإعلان الوفاق اليماني المسمى (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية)..

قاعة موفمبيك
كانت تلك هي الصورة الذهنية للمشهد اليمني فما الذي تغير على قاعة وأروقة موفمبيك حين التقت الجموع ¿ ومن يدير هذه الجموع الغفيرة التي أمطرتها التضاريس من كل بقاع اليمن من كبار رؤوس الدولة وقادة المجتمع وشرائحها الفتية رجالا ونساء ونخبه السياسية والعسكرية والفكرية والدينية ¿.. هكذا يتساءل الكل: مواطنين بسطاء ومسئولين ومجتمع محلي وإقليمي ودولي منتظر لحظة الالتقاء وفي خفقة نبضة خوف واشراقة أمل.. وفي صالة الفندق ومخارجه ومداخله وساحاته شجن وخوف وانتظار وفضول صحفي أتعسه الحظ بجرح أورق شعرا وابتسامة تحولت إلى خنجر سم خاصرة القصيدة..
رويدا رويدا.. تعج القاعة بكل الفرقاء الذين كان الجميع يتابعهم باهتمام “متلفز” وهم يكشرون أنياب الحرب.. معلنين الموت في سبيل قضية مثلى كلهم يسميها “الوطنية”.. بيمنا الوطن ينتحر موتا من لعنات الغضب بين الحصبة وصوفان ونقم وكنتاكي والستين والخمسين وعلى مشارف العاصمة بجهاتها الأربع ومثل ذلك يجري في عدن وحضرموت وعمران وصعدة وتعز.. مغذيا شرايين البلد والمدن والحضر ببراميل تقطع تفرض سطوة الفرد والقبيلة في أخذ حقوقه ول

قد يعجبك ايضا