هل يوجد أمل في التغيير ¿
ناصر محمد اليزيدي
ناصر محمد اليزيدي –
٭ .. برغم أن اليمن من أفقر دول العالم في مواردها المائية فقد بقيت إدارة الموارد المائية في ذيل أولويات التنمية الوطنية ولم تنل الأهمية التي تستحقها حيث غابت المياه عن إرادة الفعل السياسي-التنموي للحكومات السابقة وعوملت مصادر المياه بطريقة لا تنم عن إدراك حقيقي لقيمة المياه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولا أهميتها في حفظ التوازن البيئي
أي أن المياه عوملت كسلعة يومية كأحد أدوات الكسب السياسي بعيدا عن حسابات التنمية المستدامة ومن مظاهر هذه السياسة أن الحكومات السابقة شجعت التوسع في الزراعة المروية والمنتجات ذات الاستهلاك العالي للمياه بصورة عمياء وهي إما غير مدركة للقدرات الفعلية لمصادر المياه على المدى الطويل أو لبيع وهم الأمن الغذائي المفقود بل وقدمت الحوافز السياسية والاقتصادية والمالية بصورة غير مدروسة وغير عادلة حيث ضاعت الكثير من التمويلات والقروض التي خصصت لقطاع المياه والري وكان من نتيجتها إهدار مصادر المياه والبيئة وعلى الأخص هدر المياه الجوفية التي تعرضت لاستنزاف مفرط كان من أبرز مؤشراته هبوط مناسيب المياه إلى مستويات غير مسبوقة أدت مع عوامل أخرى إلى زيادة تكاليف الحصول على المياه وتدهور نوعيتها وإلى جفاف الكثير من الينابيع والغيول التي كان لتداعياتها المتسلسلة آثار سلبية على كل من الأنظمة الطبيعية والبشرية معا وذلك في ظل التغاضي عن حكم القانون والتخلي عن واجبات الدولة ليس فقط في الحفاظ على المياه والبيئة بل تعدى ذلك إلى التفريط بالحقوق المكتسبة على مصادر المياه عبر التاريخ الأمر الذي ترتب عليه حرمان فئات اجتماعية متزايدة من الحصول على الحد الأدنى من المياه سواء للزراعة أو لتوفير خدمات المياه والصرف الصحي وتفاقمت الفوارق بين الأغنياء والفقراء بما أجج التسابق والنزعات على حقوق المياه وإلى تراجع مساهمة الزارعة في الناتج القومي وغير ذلك من الآثار المباشرة وغير المباشرة.
لم تدرك سياسات الحكومات السابقة أن النمو السكاني المفرط وتوسع مجالات وأغراض استخدام المياه وتطور تكنولوجيا عمليات الحفر والضخ والتوزيع وغيرها من العوامل تؤدي إلى تفاقم الخلل بين العرض والطلب على المياه بما يتجاوز قدرات مصادر المياه الطبيعية وبالنتيجة أضحى اليمن يواجه أزمة حقيقية في تأمين مصادر مياه آمنة لتلبية الحاجات الأساسية للشرب وخدمات المياه والصرف الصحي ومن عجز واضح في تطوير بدائل تنموية للتخفيف من الضغط على مصادر المياه والبيئة وذلك يترافق مع تداخل الصلاحيات والمهام وضعف كفاءة الأداء وغياب الرقابة والمحاسبة وبالمقابل ساد الاستخدام السياسي للمصطلحات العلمية مثل “الإدارة المستدامة” التي لم يعد لها من معنى إلا تمجيد انجازات وهمية لا تمت للواقع بصلة.
لقد نتج عن تردي إدارة الموارد المائية نشؤ بنى اقتصادية-اجتماعية قائمة على حقوق مياه غير مشروعة فرضت نفسها بحكم الأمر الواقع الذي كان ضحيته مصادر المياه والبيئة وفئات واسعة من السكان الذين ليس لهم القدرة على المنافسة العادلة وفي حين أ