الوظيفة لا تكفي

محمد غبسي


 - كثيرة هي متطلبات العيش اليوم أمامنا وطويلة هي قائمة المصاريف اليومية التي نخرج بها كل يوم إلى السوق لمحاولة البقاء على قيد الحياة القائمة طويلة وعريضة من وجهة نظري ليس لما فيها من الطلبات الأساسية البدائية جدا في بلادنا!... وإنما أصبحت كذلك لعجز المواطن عن العودة إلى منزله بهذه الحاجيات بالرغم من تواضعها وزهدها .
محمد غبسي –

كثيرة هي متطلبات العيش اليوم أمامنا وطويلة هي قائمة المصاريف اليومية التي نخرج بها كل يوم إلى السوق لمحاولة البقاء على قيد الحياة القائمة طويلة وعريضة من وجهة نظري ليس لما فيها من الطلبات الأساسية البدائية جدا في بلادنا!… وإنما أصبحت كذلك لعجز المواطن عن العودة إلى منزله بهذه الحاجيات بالرغم من تواضعها وزهدها .
إن المواطن العامل في بلادنا يشبه العاطل عن العمل في بلدان أخرى كثيرة بل وأسوأ حالا من العاطل عن العمل في الدول المجاورة!
ستجد الغالبية ممن يعملون في سيارات التاكسي « الأجرة « يعملون في القطاع الحكومي لأن الوظيفة لم تعد تأكöل عيشا على حد تعبير الواقع فاضطرهم الأمر لشراء سيارات بالتقسيط أو بغيرها من الطرق الصعبة لملء الفراغ المادي الذي تتركه الوظيفة في جيوبهم وجفاف غذائي في بطونهم .
….لا غرابة فعلا في أن يخرج الموظف للمطالبة بالتوظيف والبحث عن عمل هنا أو هناك في هكذا واقع جعل من الوظيفة مجرد بطاقة عديمة القيمة والنفع وبالتالي لا معنى لهذا الموظف بالنسبة للدولة ويجب عليها ألا تتوقع منه الإبداع أو الإخلاص أو الجد فلن يعد هذا الإنسان الذي يجري ليل نهار لمحاولة البقاء ويسير بكل اتجاه من أجل ستر الحال يفكر بالإبداع بقدر ما يفكر بقوت يومه .
…لم يعد هذا الإنسان يجيد أكثر من التحايل على الوظيفة الأم من أجل الأخرى التي لابد منها فالأخيرة التي لا بأس بها ولا شك بأن هذا يعني أن يحتال على نفسه أولا ناهيكم عن الاحتيال على الوظيفة أو العمل الذي يمتهنه مجبرا .
…تتلاشى فرصته في التأهيل والتدريب وحتى التفكير في هذه الدائرة المغلقة من الشقاء المتواصل يضيق الأمل حتى أصبحت الحياة مجرد مسار واحد لعذاب يومي وسواء اقتنعت بعائد الوظيفة أو عملت في مهنة أخرى إلى جانبها فلن تخرج عن دائرة الجوع والعذاب وتظل فرصتك وإن تضاعفت هي الحصول على ألفي ريال في أحسن الأحوال .
الوظيفة لا تكفي لكي الملابس لم تكفö صديقي للدخول في مشروع زواج ولم تنفع زميلي لإنقاذ نفسه من المرض الذي قضى عليه بدون أي مقاومة تذكر من جهة العمل ولم تكفö لإضاءة المنزل الأكثر تواضعا في المعمورة ولا لتربية الطفل خالي من الأحلام والطموحات.!
الوظيفة كذبة سرعان ما تنكشف وتضعك في مأزق حقيقي لا سبيل فيه إلا للبكاء والشكاء على الله وخلقه والانهزام أمام الجميع في سن مبكرة .

قد يعجبك ايضا