القلوب الخضراء.. تعزف نشيد الخلود
عبدالعزيز الزريقي
عبدالعزيز الزريقي –
تابعت الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل كغيري من اليمنيين المغربين في الداخل و المغتربين في الخارج .
أصدقكم القول بأن العبرات خنقتني في هكذا موضع ومنذ أن اصطف 565عضوا أو ينقصون لتأدية النشيد الوطني الذي كتبه الشاعر الكبير/عبد الله عبد الوهاب ( الفضول ) رحمه الله وما يحمله هذا النشيد من مضامين وجدانية ووطنية ووحدوية وأممية ومافيه من صدق القول والإيمان العميق وأصالة الانتماء إلى هذه الأرض الطيبة التي للأسف !!أثخنتها الجراح ومزقها النكد السياسي ـ وبالمناسبة ـ هذا النشيد قالوا عنه : إذا ما توحدت الأمة العربية في كيان واحد للتفق العرب على أن يتفقوالاختياره نشيدا وطنيا ـ ربما لأول مرة ـ ودون أدنى اختلاف فما بالكم بوطن موحد اللغة والعقيدة والجغرافية والعادات والتقاليد وقيم العيش المشترك .
تجلى هذا اليوم في لوحة إبداعية جسدت براءة أطفال اليمن وأحلامهم المسافرة صوب الفضاءات البعيدة وهي تشتاق لمعانقة المستقبل الباسم المتدثر بقيم الحياة النابضة للحب والنقاء والعطاء و معاني الحق والعدل والجمال والخير الخالي من القيم الزائفة وقبح الواقع ومعاول الهدم ومكايد وأحابيل ونزق الساسة.
في جلالة المشهد و سكون الدهشة التي ارتسمت في محيانا وقفنا أنا وطفلي مشدودين ومشدوهين إلى النداء الذي أطلقه أطفال اليمن في أوبريت (يوم القلوب) وهم يرسمون لوحة إنسانية بديعة يطلبون من الحاضرين (شيوخ السياسة) تبديد هواجسهم المسكونة بالخوف والإجابة على الأسئلة المفتوحة و يدعونهم للتصالح والتسامح وترميم ماعلق في النفوس من ضغائن تمهيدا لمعانقة الغد دونما اجترار الألم والتعب وببراءة يحسدونهم عليها كثيرا ممن حضر وممن لم يحضر ولم يكن بمقدوري وغيري من المشاهدين إلا معاودة العبرات وهي تخنق قلوبنا المتلهفة إلى صبح جديد.
لا أدري لماذا لازمني هذا الشعور طوال الجلسة ¿! ربما مخزون الإحباطات والأحلام المنكسرة والأماني المعطلة ومشاهد الانكسارات التي رافقت هذا البلد ومعها أنا بالطبع ومنذ أن بدأت أدرك مالحياة التي كان يجب أن يهيأها لنا (شيوخ السياسة) منذ زمن ومقارنة ذلك مع ما نعيشه اليوم سواء كنا أطفالا أوشبابا.. (حمران عيون) أو(سذج ) فالكل يكتوي بلظى هذا المآل.
من مشهد الأطفال وهم يبنون بالأشكال الهندسية لبنات اليمن الجديد تذكرت أحلامي التي رسمتها في الطفولة عل ين يحسون بنا وبأننا نستحق حياة أفضل ¿ وكم عدد الذين يريدون أن يخرجوننا من( لعبة الغميضة) التي استمتعنا بها في طفولتنا ولكن لانستغرب أعزائي المتحاورين استمرارها في الكبر وبالذات في هذا المنعطف التاريخي والحساس من حياة شعبنا المتخم بالمواجع والعذابات ¿!
ما أخرجني من ورطة هذا الشعور الدفين والصراع الذي طرأ بيني وطفلي على من له الحق في مشاهدة التلفاز فهو يرى من الأهمية بمكان مشاهدة (قصص الأطفال )أولى من (قصص الكبار) وأنا أحاول إقناعه العدول عن قراره بأن هذه الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل قصتي وقصته وفي هذه الأثناء انقطع الحوار بيني وبين طفلي لا لشيء لاقدر الله ولكن للتدخل في الوقت المناسب ( لمخربي أبراج الكهرباء الملاعين) الذين لم أحمد فعلتهم!! إلا في هذا اليوم عندما انطفأت الكهرباء و معها فيض مشاعري وصراع كان قادما لامحالة مع طفلي وعليه لم أستطع مواصلة متابعة الجلسة الافتتاحية !!
أسألكم بالله.. من أين آتي بقوم يستمعون لصوت المستقبل ولهم قلوب يشعرون ..يحسون وعقول تفكر وتدرك أن لنا أحلاما مصادرة ومن حقنا توفر فرص العيش الكريم والغد الأرغد.
إذا لم تكن من بين هذا الحشد ¿!! فيا إلهي إذا كان بك علينا غضب فلا نبالي.. ولكن رحمتك أوسع.
ذات مرة علقت في صفحتي على الفيسبوك مشاطرا صديقي المثخن بالمتاعب متسائلا: لماذا كلما نحلم بفكرة أو مشروع نجترحه ثم بعد فترة يتحول علينا مآسي و وبالا وندخل في حالة من اليأس والإحباط والكآبة ونحتاج إلى زمن أطول لنعاود التحليق من جديد ونعيش حلما آخر وهكذا نجد أنفسنا بين فكي الحلم والكابوس يتناوب علينا ليتركنا أجسادا محنطة لاتقوى على الحركة والفعل ونظل مستسلمين للواقع (دوائر التسويات السياسية ) ونهادنه أو بتعبير آخر (نتكيف مع القهر) ونحلم بالحد الأدنى من العيش دون الأحلام الكبيرة¿!!
اعلم يا أمي :أن الأعوام تتابع عام يتلو عام وتجدد الحياة نفسها ومعها القلوب والمشاعر وينبعث ا