التراث الثقافي وحقوق الإنسان
هشام علي
هشام علي –
{ أقيمت في الدوحة في منتصف الشهر الماضي ورشة عمل بعنوان »تحديات بناء القدرات في مجال التراث الثقافي غير المادي في الدول العربية« ونظمت هذه الورشة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع منظمة اليونسكو واستضافتها وزارة الثقافة والفنون والتراث القطرية التي هيأت للورشة جميع الوسائل الكفيلة بنجاحها.
وقد حضر الورشة وفود من جميع الدول العربية ما عدا سوريا والجزائر وكان حضور وفد من الصومال بعد غياب طويل أمرا متميزا لا سيما وأن شابا صوماليا على درجة عالية من الثقافة والإيمان بضرورة وجود دور فاعل للمنظمة العربية في العمل العربي المشترك كان يمثل الصومال ويعبöر عن جيل جديد من المثقفين يخرج من بين خرائب الدمار والحرب كما كان حضور وفد من جزر القمر علامة أخرى مميزة لهذا الاجتماع.
كان الموضوع الرئيسي لهذه الورشة هو »اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي« التي أقرتها منظمة اليونسكو عام 2003م وانضمت إليها أكثر من (150) دولة حتى الآن وقد انضمت بلادنا إلى هذه الاتفاقية عام 2007م.
وقد أكدت السيدة إيرينا بوكونا المدير العام لليونسكو على الدور المحوري للتراث الثقافي غير المادي في إقامة السلام وتحقيق التنمية المستدامة كما أشارت في تقديمها للاتفاقية إلى دور التراث في تأليف وجمع شعوب العالم والحفاظ على التنوع الثقافي »وتعد اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي جزءا من مجالات الحوار والعمل هذه إذ تستطيع كل دولة وكل مجتمع محلي أن يطالب من خلالها بحقوقه وأن ينقل رؤيته إلى الآخرين وأن يحرر الطاقة الإبداعية للتنوع الثقافي من أجل توطيد قيمنا المشتركة«.
وينبغي الإشارة هنا إلى أن العولمة التي اجتاحت العالم منذ نهايات القرن الماضي وما اشتملته من التحديات والتهديدات للثقافات واللغات والتقاليد والعادات وما أطلقته من تطور غير مسبوق في وسائل وتقنيات الاتصال جعلت من أركان العولمة وهيمنتها قوة عابرة للثقافات والقوميات والسيادات الوطنية والحدود الجغرافية ووصلت آثارها إلى كل أنماط العيش والعادات والسلوك وأصبحت تهدد بقاء كثير من أشكال التعبير الثقافي الشفهي والتراث غير العادي.
إن تحديات العولمة هذه دفعت منظمة اليونسكو إلى إعداد اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي وكذلك اتفاقية التنوع الثقافي بعد ذلك لضمان المحافظة على التنوع البشري وعدم هيمنة اللغة الواحدة والثقافة العولمية الغالية التي تسعى لسيادة العالم والحكم بالنهاية على الثقافات التي تعجز عن المواجهة وقد تحددت أهداف الاتفاقية في أربعة أهداف هي :
أ- صون التراث الثقافي غير المادي.
ب- احترام التراث الثقافي غير المادي للجماعات والمجموعات والأفراد.
جـ- التوعية على الصعيد المحلي والوطني والدولي بأهمية التراث الثقافي غير المادي وأهمية التقدير المتبادل لهذا التراث.
د- التعاون الدولي والمساعدة الدولية.
وقد كانت هذه الاتفاقية محور عمل هذه الورشة على مدى أربعة أيام حيث كان الإلمام ببنود الاتفاقية وبناء القدرات بالإضافة إلى توطين الاتفاقية في‮