جائزة خاصة بالذرى العالية
حسن أحمد اللوزي
حسن أحمد اللوزي –
ملتقى القاهرة الدولي الثالث للشعر العربي حضور متألق للشعر العربي محفوفا بنماذج من الشعر العالمي في موعد يتجدد في هذا العام مع انطلاقته الأولى في القاهرة قبل عشرة أعوام باقتراح من الأديب العربي العالمي الراحل نجيب محفوظ وبحيث يكون عاما للشعرية العربية وعاما تاليا للسردية وللرواية ولكنه ما لبث أن توقف بسبب الفوضى العارمة التي صارت تطبق على الظروف العربية الراهنة في عدد من الأقطار العربية ومنها أرض الكنانة الحبيبة والرحيبة ومع ذلك فقد التأم الملتقى بعزيمة القيادة الثقافية المجاهدة في أوضاع بالغة الصعوبة سواء في وزارة الثقافة أو المجلس الأعلى للثقافة حقق الملتقى نجاحا مشهودا برغم تعرضه لجملة من المواجهات التي تغلب عليها بجدارة وقد تميز ملتقى هذا العام بتكريم الشعرية العربية اليمنية ممثلة في الرائد الثقافي الجليل والشاعر العربي الكبير الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح والذي يقف على الذروة في سماء الشعر الأجد في بلادنا وفي عمق الجدة الشعرية العربية.
وكان حفل الاختتام للملتقى مكرسا للابتهاج بهذا الحدث العظيم الذي أثلج الصدور كلها وأفرح جميع القلوب بعد أن ظلت مشاعر الترقب تأخذ بنفوس الأدباء والكتاب خاصة الشعراء ممن كانوا في قائمة الترشيح وتقلبت بهم الاحتمالات حيث لم تكن المنافسة على الجائزة سهلة أبدا ولا داعي لسرد أسماء المرشحين للجائزة من مصر وغيرها فكل واحد منهم كان قامة متميزة بإبداعه الشعري المتفرد غير أن الجائزة – على ما يبدو – خطت لها مسارا متميزا يرقى بها نحو الذرى العالية خاصة بعد أن فاز بها في الدورة الأولى للملتقى الشاعر العربي الكبير والراحل العظيم محمود درويش وكان متربعا على قمة العطاء الشعري الفلسطيني إذا صح التوصيف وإن كنت لا أحبذ تضييق صورة الحقيقة العامة الناصعة بالنسبة لجنس الأدب والشعر والقصة… إلخ فهو إنتاج عربي وجزء لا يتجزأ من الثقافة العربية ولذلك كان الوعاء عربيا دوليا كما فاز بالجائزة في الدورة الثانية للملتقى الشاعر العربي الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي وهو المتربع على ذروة العطاء الشعري التفعيلي في مصر الحبيبة كما يقال في نفس السياق المنصف بالنسبة للقصيدة الأجد في بلادنا ومكانة الدكتور عبدالعزيز المقالح في قمتها العالية والتي لا ينازعه أحد أو يزاحمه أي شاعر حداثي في ذروتها فضلا عن الإنجازات العظيمة التي حققها الدكتور عبدالعزيز المقالح وأثرى بها الثقافة العربية حيث لا شك أن أستاذنا الجليل قدم رؤية جديدة وعميقة للشعرية العربية الجديدة ولعطائه العظيم هو وقد تميز بما يلي :
أولا : في إبداعه الشعري ذاته وفي مجمل المشهد الذي صارت تقدمه واضحا ومتميزا النصوص الشعرية التي كتبها وأيا كانت وجهة المحتوى في أساسه نحو المواقف الذاتية أو الوطنية أو الإبداعية أو الكونية ويتداخل مع ذلك القومي والإنساني والإلهي كما يتجلى في قصائده الصوفية.
ثانيا : في كتاباته النقدية فهو صاحب نظرية القصيدة العربية الأجد وصاحب منهج نقدي لصيق بهذه النظرية التي أفرد لها العديد من الكتابات بما في ذلك إصداره لكتاب جيب صغير أشبه ما يكون ببيان إبداعي دقيق ومختصر عن الشعرية الخاصة بالقصيدة الأجد كما يعتقدها الدكتور ويقدمها للعالم.
ثالثا : الرؤية الصافية النقية غير المعقدة أو المتشنجة من الحياة ومفهوم الحرية والعيش الحر الكريم وطنيا وعربيا وإنسانيا بل والرؤية التي تحيط بذلك كله من خلال مجهر عبقري ينظر أولا وعميقا للعالم وللملكوت الحقيقة التي تجعله في مسار الشعراء الفلاسفة الأفذاذ ويتميز عنهم جميعا بالالتزام فهو أديب وكاتب وشاعر وأستاذ ملتزم.
رابعا : لشاعرنا الكبير لغته الخاصة به وفي بناء العبارة وصوغ الصورة وتشكيل المعمار الإبداعي وهو ما يطوع الحديث عنه ولا تتسع اليوميات لذلك ولكنها مشاعر الفرح التي لا بد أن تفصح عن جانب من صورة الأسانيد الراقية التي دفعت بيسر نحو اختيار الدكتور عبدالعزيز المقالح ليفوز بجائزة الدورة الثالثة للملتقى الدولي.
وقد احتفى الملتقى في هذه الدورة بجامعة أبو للو الشعرية بحضور جماهيري كبير في الجلسات النقدية والأمسيات الشعرية التي ضمت نخبة من شعراء مصر والوطن العربي وأوروبا وجاء الحفل الختامي للملتقى بالمسرح الصغير بدار الأوبرا بحضور وزير الثقافة الدكتور محمد ص