اليمنيون على موعد مع المستقبل..
كتب رئيس التحرير
كتب/ رئيس التحرير –
تشرئب أعناق اليمنيين إلى حيث تنطلق القوى السياسية والحزبية ونخب المجتمع غـدا (الاثنين) فـي حـوار صـادق وشفاف يبحث في تفاصيل الأزمة ويتلمس حلولا لمعالجتها على قاعدة من الشراكة والمسئولية وبمعزل عن استحضار مآسي ومرارات الماضي وذلك بالتطلع إلى آفاق المستقبل القائم على جدلية الحوار البناء لصياغة عقد اجتماعي جديد يستوعب تطلعات وطموحات أبناء هذا الوطن الذين يستحقون الأفضل بالنظر إلى المعاناة التي اكتووا بنارها وعاشوا خيباتها طيلة الفترة المنصرمة وبالنظر أيضا إلى المظالم الكثيرة التي دفعت بهم إلى الاصطفاف على امتداد رقعة الوطن انتصارا لقضاياهم العادلة في الانعتاق من الطغيان والاستبداد والظلم والإقصاء وبالتالي التأسيس لدولة النظام والقانون وكفالة الحرية والعدالة والمساواة.
لقـد انتصرت الحكمة اليمانية في أروع تجلياتها عندما ارتضت الأطراف المعنية الاحتكام إلى رغبة الناس في أحقيتهم المشروعة في التغيير السلمي الحضاري دون أن يقلل ذلك من أسبقية وفاعلية المبادرة الخليجية للتسوية السياسية بآلياتها المزمنة التي جاءت في توقيتها ومكانها المناسبين وبرعاية أممية تجسدت في قراري مجلس الأمن الدولي (2014)و( 2051) وجميعها خطوات عبرت عن إجماع دولي غير مسبوق في رعاية التسوية السياسية وانتشال الأوضاع من حافة الانهيار الاقتصادي الاجتماعي الشامـل انطـلاقا مـن أهميـة موقع اليمن الجيو-ستراتيجي الذي يطل على أهم ممرات الملاحة الدولية.
ولا شك أن اليمنيين والعالم أجمع -وهم يتطلعون إلى الحكمة اليمانية في أروع تجلياتها – يأملون كذلك أن تكون القوى السياسية على الساحة الوطنية- وهي تخوض هذا المعترك الحضاري – عنـد مستوى التحدي وجسامة هذه المسئولية التي تفترض منهم جميعا التنازل لبعضهم البعض وتغليب مصالح اليمن العليا وتفعيل مضامين الشراكة المجتمعية وصولا باليمن إلى موقع الريادة التي يستحقها في استلهام وترجمة تطلعات الداخل والخارج في إنجاز مراحل التسوية السياسية دون إخلال أو تلكؤ خاصة وأن أمام المؤتمر منظومة متكاملة من مشروعات إعادة البناء النهضوي الشامل والتي تقتضي قدرا كبيرا من استشعار حجم وعظمة هذه المسئولية الوطنية والتاريخية التي ستضاعف – ولاشك- من مهام قوى المجتمع وهي تعيش مخاضات التحول الحضاري عبر بوابة الحوار الشامل.
ومن زاوية الإنصاف فإنه – ومنذ انطلاق مسار التسوية السياسية في نوفمبر 2011 م يمكن التأكيد على حقائق نجاح القيادة السياسية بزعامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني في ترجمة أبرز ملامح المرحلة وبالذات إعادة ترتيب الأوضاع الداخلية فضلا عن قدرة الأخ رئيس الجمهورية على امتصاص رواسب الماضي والتفاعل مع قضايا الحاضر ومستجداته بسعة أفق ورؤية موضوعية عبرت عنها تحركاته الفاعلة والدؤوبة والحاسمة سواء تلك المرتبطة بالتعامل مع قضايا الداخل بالحكمة والاقتدار وهي التي أعادت الأوضاع المتردية إلى طبيعتها وأحيت مناخات الألفة والوفاق بين مختلف الأطراف والتكوينات ..أو تلك الجهود المتعلقة بقدرة الرئيس على ترجمة مضامين المبادرة الخليجية المزمنة التي نعيش اليوم أدق وأهم مضامينها المتمثلة في التئام مؤتمر الحوار الوطني ..وهي خطوات -ولاشك – استحق عليها الرئيس عبدربه منصور هادي تأييد ودعم الأسرة الدولية والإقليمية حيث تجلى ذلك من خلال رعاية مؤتمرات أصدقاء اليمن والمانحين وحشد تمويلات الدعم لمساعدة اليمن في إنجاز خططه الإنمائية الطارئة ومجابهة تحدياته الراهنة بكل جزئياتها المؤرقة.
وإذا كنا قد أفضنا باستعراض تلك الجهود المشكورة التي تحسب لجميع فرقاء العمل السياسي في الساحة الوطنية والأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي والأسرة الدولية لإنجاز هذه المرحلة من مسار التسوية فإنه لا ينبغي التقليل من حجم وطبيعة التحديات الماثلة أمام مؤتمر الحوار الوطني خاصة تلك المرتبطة بالقضية الجنوبية العادلة بامتياز والتي تمثل ركن الزاوية في معترك الحوار وبوابة الأمل في إشراقة ملامح الدولة اليمنية الحديثة المنفتحة على العصر والملبية لمتطلبات التغيير والمستوعبة لمجمل طموحات الناس على امتداد رقعة الوطن فضلا عن جوهرية تلك القضايا الأخرى والتي تتطلب جميعها قدرا إضافيا من مسئولية معالجتها بالحرص على كيان المجتمع ووحدة تماسكه وتحصينه ضد مخاطر الانزلاق إلى أتون صراعات مدمرة لن تعود بعدها لليمن فرصة للبناء هذا إذا لم تنعدم فرص العيش نفسها. لكل ذلك فإن مسئولية المتحاورين لا ترتبط فقط بمسألة البحث عن