قال لي ذات مرة¿
عبد الرحمن بجاش
عبد الرحمن بجاش –
جلست إليه ذات صباح كما هي عادتنا, إذ كنا نأتي من منازلنا مبكرين ونجلس أمام مكتبه, يبادرك: أنا مالك قلق¿! تتلفت يمنة ويسره فتجد أنك المقصود, يجتاحك القلق غصبا عنك, وتكتشف بعد زمن أن القلق كان هو, لكنه يتعمد استفزازك ليراقب رد فعلك ويصل إلى ما يريد, في القاهرة قلت له مازحا: عادنا إلا اكتشفتك هنا فالقلق الدائم أنت وليس أنا ولا غيري, قال ببديهيته ضاحكا: لا تكشف سري, قلت : في بير .
كان ذلك الصباح بهيا بنا, جلست إليه, كان للتو عائدا من سلطنة عمان, فاجأني : أغلق الباب, اطلب من محمد ألا يسمح لأحد بالدخول, اجلس, اسمع, وما ستسمعه بيننا, قلت حاضر, أصخت السمع, قالها بزفرة عميقة : مررت إلى عدن, جئت متحمسا لأنقل إليه ما سمعته, فقد جلست إلى ذلك المسئول العماني الصديق الذي قال لي : لا تكذبوا على أنفسكم ولا علينا فنحن نعرفكم أكثر من غيركم, حاولت – كما قال – لكن المسئول العماني صديقي واصل : قلنا لكم دولة, قلتم : لا زلنا شطرين, انتظرنا, توحدتم, قلنا هيا, قلتم فترة انتقالية, انتظرنا, انتهت, قلنا : هيا, قلتم : لا زلنا مختلفين مع شركائنا, تحاربتم في 94 قلنا : خلاص الآن لم يعد لكم عذر, لنفاجأ بمن نزل إلى حضرموت يدعو إلى مجلس أعلى للقبائل, كدنا نجن, نحن نريدكم دولة نأمن لها ونتعامل معها, القبائل لدينا أكثر منكم, قلنا دوله, قالوا الجنبية جزء من الشخصية العمانية, قلنا فليكن لنلحمها ابتداء من السلطان, والسلاح بالمطلق لا سلاح إلا للدولة, وفي الأرياف نحافظ على كرامة الناس حيث البندقية وليس الدبابة جزء من شخصية العماني, قلنا : فليكن لكن كل قطعة في أسفلها رقمها المتسلسل, ماذا تريدون أيها اليمنيون¿.
قال : عدت سريعا والى عدن متحمسا لأنقل ما سمعته وكنت أكاد أجن فما قاله لي المسئول العماني صحيح . جلست إليه وبجرأة لأول مرة أحكي له, أنصت لي طويلا وفي النهاية تناول قصاصة من ورق وكتب عليها شيئا ودسها في يدي قائلا : مع السلامة, في الخارج فككتها وقرأت كانت حوالة بأرضية, مزقتها وأنا أهذي : قلنا نريد دولة .. لا نريد عشر لبن !, نريد دولة, فقد تعبنا ونخشى أن نمزق كل الأوراق إذا لم تتحقق ……