الحوار الوطني.. طوق النجاة
عبدالفتاح علي البنوس
عبدالفتاح علي البنوس –
يكتسب مؤتمر الحوار الوطني أهمية كبيرة ومؤثرة في مسار التسوية السياسية كونه سيضع النقاط على الحروف حول مجمل القضايا والملفات الساخنة التي تشغل الرأي العام المحلي في بلادنا والتي من المقرر أن تطرح للتداول والنقاش على طاولة اجتماعات الأطراف المشاركة في المؤتمر الذي من المقرر أن تبدأ أولى جلسات انعقاده في الـ18 من مارس الجاري ومما لا شك فيه أن نجاح مؤتمر الحوار الوطني مرتبط بمدى تفهم الأطراف المشاركة فيه لطبيعة الأوضاع التي يمر بها الوطن وحرصهم على المشاركة الوطنية الفاعلة لانجاح الحوار من خلال تقديم التنازلات والتحلي بالمرونة عند مناقشة القضايا التي سيتم مناقشتها وتقبل كل الآراء والعمل في نهاية المطاف على تغليب مصلحة الوطن على المصالح الذاتية والحزبية والسياسية فلا نريد أن يدخل المتحاورون وهم يرفعون شعار «قلايتي وإلا الديك» لأن الحوار على هذه الكيفية سيكون عقيما ولن يثمر عن أي نتائج ايجابية وسيتحول الحوار إلى مناطق لإشعال المزيد من المشاكل والأزمات بعد أن كان بالنسبة لنا كطوق نجاة يعبر بنا وبوطننا مرحلة الخطر المحدق بنا لنصل إلى مرحلة الأمان التي سنحصد ثمارها جميعا في زمن قياسي جدا.
لا أبالغ عندما قلت أن الحوار الوطني طوق نجاة اليمن واليمنيين فهذه هي الحقيقة التي لا يستطيع أحد إنكارها وخصوصا مع استنفاد أطراف الأزمة السياسية في البلاد خيارات التصعيد والتأزيم والحلول الفردية والتي كان كل طرف يسعى من خلالها لإيجاد حل مناسب للأزمة يتماشى مع أهدافه ومصالحه إلى أن وصل بهم الحال إلى الاقتراب من الخيار الدموي والمأساوي والكارثي وهو خيار الحرب الأهلية والتي كانت طبولها تقرع لولا عناية الله عز وجل ولطفه باليمن واليمنيين التي ألهمت أطراف الأزمة سبيل الرشاد وقادتهم إلى تحكيم العقل والقبول بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفذية كخيار توافقي يقود إلى تحقيق تسوية سياسية مرضية لكل الأطراف لا غالب فيها ولا مغلوب وها نحن اليوم بفضل الله على أعتاب تدشين واحدة من الخطوات الهامة والمفصلية في مسار التسوية السياسية وهي تتمثل في مؤتمر الحوار الوطني الشامل والذي ينطلق بعد أيام قليلة حيث يأتي انعقاده بعد أن تحققت خطوات سابقة في مسار التسوية السياسية خلال المرحلة الانتقالية الأولى التي انتهت بانتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي رئيسا للجمهورية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني مشكلة في الوقت ذاته بداية المرحلة الانتقالية الثانية بحسب الآلية المزمنة للمبادرة الخليجية والتي كان من أبرز محطاتها اتخاذ خطوات عملية على طريق إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن والعمل على إنهاء الانقسام الحاصل في الجيش وإخضاع كافة الوحدات العسكرية والأمنية لوزارتي الدفاع والداخلية ليصبح ولاء المنتسبين لها لله والوطن لا للأفراد والأحزاب والجماعات.
إن استحقاقات المرحلة الراهنة تكاد تكون الأكثر فاعلية وأهمية قياسا على المعالجات والنتائج المتوقع حدوثها والتوصل إليها من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل فالكل مدعوون إلى تحكيم ضمائرهم وإعمال عقولهم وهم يجلسون على طاولة الحوار نريدهم أن يتحاوروا من أجل الوطن والشعب لا نريد أن تتحول جلسات الحوار إلى مهاترات ومناكفات وصراعات بين الأطراف المشاركة فيه لا نريد أي شروط من أي طرف كان فالمرحلة بكل تعقيداتها تحتم على الجميع العمل بروح الفريق الواحد والقبول والتسليم بالآراء والمقترحات السديدة التي تصب في خدمة الصالح العام حتى ولو كانت هذه الآراء لا تخدم هذا الطرف أو ذاك أو هذا الحزب أو ذاك فالمصلحة الوطنية مقدمة على ما دونها من المصالح وهذه النقطة الهامة هي التي ستجعلنا جميعا نفرق بين الوطنيين وأدعياء الوطنية فمن يقدم التنازلات من أجل الوطن هو الوطني قوة وعملا ومن سيعمل على وضع العقبات والعراقيل وتعكير أجواء الحوار فليس بوطني حتى ولو تظاهر بالوطنية.
وليعلم الجميع أن فشل الحوار الوطني -لا سمح الله- لن يصب في مصلحة أي طرف سياسي على الإطلاق ولن يكون أمام القوى السياسية من خيار سوى الاتجاه نحو الحرب الأهلية ودخول البلاد في نفق مظلم من الأزمات والصراعات والفتن والتي سيكون من الصعب جدا احتواؤها وإيقافها.
وليعلم الجميع أنه من خلال الحوار سيتم إيجاد الحلول الوطنية لكافة القضايا وفي مقدمتها بحث القضية الجنوبية من كل أبعادها والعمل على إيجاد حل وطني حقيقي وعادل لها بالإضافة إلى قضية صعدة والتوصل إلى حلول جذرية لها بالإضافة إلى حل كافة القضايا الوطنية وفق رؤية وطنية يتم تنفيذها عل