للزرقة في قلوبنا ذكريات
عمر كويران
عمر كويران –
ونحن نلتقي لنجدد اللقاء بالمرحوم الأديب الأستاذ محمد الزرقة نجد أنفسنا غير قادرين على الإيفاء بحقه كشخصية باعها كبير في ميادين الفكر والأدب والثقافة والمعرفة . وعندما كنت في سن المبتدئ لمرحلة الدخول في هذا الميدان وجدت نفسي على مقربة من هذا الاسم في حقل عطائه حين كنت التقيه وباستمرار في ذلك المكان الذي يرتاده ( مكتبة الأندلس بميدان التحرير ) يأتي وبدون مقدمات الدخول إلى مقعد عملي وبيده كتاب من كتاب مؤسس معطيات الثقافة أو مجلة من المجلات المصرية ( المحور ــ آخر ساعة ــ روز اليوسف ــ أخبار اليوم ــ الأهرام . وحتى المجلات الفنية حواء ــ الكواكب ــ الموعد إلى جانب مجلة الأطفال سمير وميكي ) كواحد من المشتركين بالمكتبة في هذه المجلات والصحف وبأسلوبه اللقن والمقبول يحتدم معي حول بعض المواضيع ويقول: أنت الأسعد بيننا يا كويران لأنك بين هذا الكم من وسائل المعرفة .. فنأتي إليك لتعطينا فرصة بدقائقها للاطلاع . وعندما سألته عن كيفية الإمكان للكتابة في الصحافة شجعني كثيرا وقال: طالما تحب الرياضة اكتب في مواضيعها وسوف ننشر لك ذلك ومن هنا ستكون لك دراية بهذا المجال . وبالفعل كتبت عبر زميلي العزيز عبده جحيش الذي كان مسئولا عن الجانب الرياضي بصفحته الأسبوعية كل خميس وكان مبلغ الإنتاج الفكري للمجهود آنذاك ( 200 ريال ) وكان رحمه الله طلب مني تغيير اسم المكتبة إلى مسمى حديقة العقول .
اليوم وبعد مرور 11 عاما على رحيل الأستاذ محمد الزرقة يستعيد كل من عرفه وجلس معه وتحدث إليه وزامن مشواره يتكلم عن الزرقة وكأنه بيننا على قيد الحياة .. فمثل هذه الذكريات تعطينا نفس أكبر لخوض معركة البقاء في الدنيا بسقف مظلته . فالأمس ليس اليوم الذي نعاني فيه من نقص الفهم وانعدام السلوك الملصق بسلوكيات ثقافتنا .. نحن اليوم .. على هامش المحك نتخبط بين الكتاب والجريدة وتسوقنا المجلات متعددة الأغراض إلى الإنهاك .. ولم نعد نعرف من هو الصديق المقرب ولا نعي بأحقية الزمالة لأننا أصبحنا نفكر فقط في الذات وكم من المال سنكسب وكل واحد يأكل حق الثاني بدون شرعية تسمح له بأكل حق أخيه . نعوم في بحر عمقه خطير ولم نعط للخطر بالا وهكذا تمر الأيام في مجموع السنوات والجميع منهك الحال في حال وضعه .. ولم نأخذ من زمن الماضي نسقا نتبع نهجه..
رحم الله الزرقة ومن انتقل إلى ربه من مصنفي هذا المجال ولتشمل الرحمة الأموات جميعا .. وإنا لله وإنا إليه راجعون .